الاثنين، 26 مارس 2012

انتقادات التاسيسية

انتقادات حادة وجهها عدد من السياسيين والحقوقيين لاختيار أعضاء لجنة المائة لتأسيسية الدستور، فالبعض رأى أن معايير اختيار اللجنة غير دستورى من الأساس لأنه انتهك الإعلان الدستورى الذى نص على أن البرلمان يختار اللجنة، ولا يضم أى منه فى تشكيل اللجنة، ورأى آخرون أن اختيار رؤساء النقابات وبعض الفنانين فى الدستور غير ضرورى، وانتقد البعض عدم تمثيل الشباب فى اللجنة، مؤكدين أن الاختيارات جاءت انتقائية لأشخاص لا يحملون فكرا تصادميا مع تيار الإسلام السياسى. قالت الدكتورة نورهان الشيخ أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، إن اختيار لجنة المائة غير متوازن، لأن تيار الإسلام السياسى مهيمن بصورة قوية على اللجنة، وإن تمثيل القوى الأخرى جاء بشكل رمزى وانتقائى، فلم يطلب من الهيئات ومؤسسات الدولة ترشيح أشخاص ممثلين عنها. وأكدت الدكتورة نورهان أن الخمسين الذين تم اختيارهم من خارج البرلمان وإن لم يكن لا ينتمون لحزبى النور السلفى والحرية والعدالة الذراع السياسى لجماعة الإخوان المسلمين فإن اختيارهم جاء من الشخصيات غير الصدامية مع تيار الإسلام السياسى، والتى تحمل نوعا من التوافق معها دون الدخول فى معارك سياسية، فعلى سبيل المثال تم اختيار المفكر القبطى رفيق حبيب والمعروف عنه تفاهمه مع تيار الإسلام السياسى. وحول تمثيل الأقباط فى هذه اللجنة قالت الدكتورة نورهان، إن تمثيل الأقباط غير معبر، وعلى الرغم من أننا نكن كل الاحترام لهذه الشخصيات وعلى رأسها الدكتورة منى مكرم عبيد وما لها من خبرة سياسية مصرية إقليمية إلا أن هذه الشخصيات لا تعبر عن مسيحى مصر، فالكنيسة لم تقم بترشيح أشخاص بشكل رسمى، ولم يطلب منها ذلك. وحول ما إذا كان الدستور القادم مؤقتا أم دائما، رأت الدكتورة نورهان أن الذى سيحدد ذلك هو شخصية الرئيس القادم وتوجهاته السياسية، فإذا جاء من تيار للإسلام السياسى فربما لا يكون هناك صدام بين المؤسسة التنفيذية والتشريعية، أما إذا جاء من خارج هذا التيار فمن المتوقع أن يعيد النظر فى هذا الدستور ومن ثم يحدث شد وجذب وحراك سياسى واسع، مؤكدة أن الدستور القادم لن يعبر عن طموحات الشعب المصرى ومطالب الثورة، ووقتها لن يسكت الشعب المصرى، والمطلوب وقتها أن يكون للمواطنين الواعيين دور فى توعية الآخرين بمصلحة الأمة لتحقيق طموحاتها. وقال الدكتور عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستيراتيجية بالأهرام، إن عدد أعضاء اللجنة صغير جدا، ففتح الباب لعدد أكبر يعنى وجود قامات كثيرة ورؤى متعددة تفيد عند وضع الدستور، قائلا إن هذه نكبة من نكبات المستشار طارق البشرى الذى وضع الإعلان الدستورى الذى نص على تشكيل اللجنة من مائة عضو. وأكد ربيع على أن طريقة اختيار أعضاء اللجنة فيه تنكيلا بالعديد من الشخصيات التى تم استبعادها، مثل المفكر السياسى السيد يس ومحمد حسنين هيكل والدكتور محمد البرادعى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا، قائلا "المشكلة فى الدماغ"، بينما تم اختيار أشخاص آخرين ليس لهم علاقة بالموضوع مثل أحمد حرارة وممدوح الولى نقيب الصحفيين وأشرف عبد الغفور الممثل، معلقا على هذه الاختيارات قائلا "هذا كلام فارغ". وأشار الدكتور ربيع أن لجنة الدستور تحتاج إلى قامات وخبرات، فلا يشترط وجود فنانين ورياضيين وأطباء وغيرها من الفئات فى تشكيل اللجنة لأن هذه الأمور ينظمها القانون وليس الدستور، مؤكدا أنه لو تم عمل امتحان لهذه الشخصيات حول الدساتير المصرية السابقة والفرق بين النظام السياسى والبرلمانى وغيرها من المعلومات الأساسية التى لابد من معرفتها عند المشاركة فى وضع الدستور فسوف تكون النتيجة سقوط أكثر من نصف الشخصيات التى تم طرح أسمائها. وانتقد الدكتور ربيع تجاهل اللجنة لعنصر الشباب على الرغم من أنهم هم أساس الثورة فالاستمرار فى تجاهلهم داخل البرلمان والأحزاب والحكومة ومؤسسات الدولة سيترتب عليه تخوفات مستقبلية. أكد الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة أن معيار اختيار لجنة المائة لتأسيسية الدستور نفسها باطل وغير صحيح لأنه يخالف المادة 60 من الإعلان الدستورى التى تؤكد على أن أعضاء مجلس الشعب والشورى ناخبين للجنة التأسيسية للدستور وليس من حقهم ترشيح أيه أعضاء منهم، مؤكدا أن طريقة اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية يعد انتهاكا لعرض الإعلان الدستورى. وأضاف الدكتور كبيش أن قيام البرلمان اختيار الجنة التأسيسية للدستور ضاربا عرض الحائط بالإعلان الدستورى يعبر على أن الأمور تسير بالذراع و"الفتونة"، مشيرا إلى أن جميع المؤشرات التى تحيط بالمرحلة الحالية تعبر عن فشل الثورة، لم يتغير شىء فالقوانين فقط هى التى تتغير فى حين لا نشهد تغير فى الموضوع فالفساد مازال معششا فى مؤسسات الدولة، والثورة انحرفت تماما عن إقامة دولة القانون. وأشار الدكتور كبيش أن هناك دعوى قضائية مستعجلة تم رفعها ببطلان معيار اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور سوف يتم الحكم فيها بعد غد الثلاثاء، وأن هذه الدعوى متضامن فيها الدكتور يحيى الجمل الفقيه الدستورى والدكتور عبد الجليل مصطفى القيادى بالجمعية الوطنية للتغيير والفقيه الدستورى نور فرحان والدكتور جابر نصار وكيل كلية الحقوق جامعة القاهرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق