الجمعة، 9 مارس 2012

بورتو طرة‏..‏ سجن‏5‏ هموم‏!‏ قام بالرحلة‏:‏أسامة الألفي

في شهور قليلة‏,‏ صار سجن طرة نجما ينافس أنجلينا جولي وجوليا روبرتس وعمر الشريف‏,‏ وغيرهم من نجوم السينما العالمية, أخباره تتصدر نشرات الفضائيات والصفحات الأولي في كبريات الجرائد والمجلات الدولية- بعد استقباله رموز النظام السابق . محققا شهرة لا تقل عما حظت به أشهر السجون في تاريخ البشرية الحديث, من أمثال: الباستيل والكتراز وجوانتانامو. ويتوقع أن تتضاعف شهرته حين يحل فيه الديكتاتور المخلوع بعد قرار لجنة الصحة بمجلس الشعب صلاحية مستشفي الليمان لاستقباله, وهو القرار الذي يتوقف تنفيذه علي ما يراه القاضي المكلف بمحاكمته المستشار أحمد رفعت, ولو وافق القاضي علي رأي اللجنة فإن مبارك لن يكون فقط أول رئيس مصري يتم خلعه, وإنما أيضا أول رئيس يودع السجن بقرار من القضاء.. وهو ما يرعب مبارك ويحسب له ألف حساب.. فما الذي يخشاه المخلوع من طرة, وما قصة طرة وتاريخه, وكيف تحول من مجرد سجن تنفر الناس من مجرد تلفظ سيرته, إلي نجم يلهث الإعلام وراء أخباره.. لنعرف حكايته لابد من أن نبدأ من أول سطر. طرة ليس سجنا واحدا كما يعتقد كثيرون- وإنما هو مجمع سجون مقام علي مساحة50 فدانا ويضم أيضا مستشفي ومساجد, ويعد سجن المزرعة أقدم سجون طرة وقد أنشأه مصطفي النحاس عندما كان وزيرا للداخلية عام1928 م بهدف تخفيف الزحام عن سجن أبي زعبل, ويقع المجمع جنوب القاهرة, في منطقة طرة البلد, ويطل جزء كبير منه علي النيل مباشرة, ويضم عن سجن المزرعة كلا من: ليمان طرة, وسجن استقبال طرة, ومحكوم طرة, وسجن طرة شديد الحراسة( المعروف باسم سجن العقرب) والأخير سجن به علي امتداد تاريخه عدد كبير ومتنوع من التيارات السياسية, مابين شيوعيين وإخوان وأعضاء جمعيات سرية ومعارضين للنظام, فضلا عن أصناف عدة من المجرمين الجنائيين. وكانت أسوار المجمع ترتفع2.5 متر عند بنائه, ثم زيد ارتفاعها ليصبح7 أمتار بعد نجاح عملية هروب ثلاثة من تنظيم الجهاد المتهمين في قضية اغتيال الرئيس السادات عام1988 م, وهي مزودة بكاميرات مراقبة تعمل علي مدي اليوم, بالإضافة إلي عدة أسوار متتالية تفصل بين أقسام السجن المختلفة. ويحتوي طرة علي سبعة عنابر تم تقسيمها وتصنيفها طبقا لنوع القضية والاتهام, والعنبر الواحد يتسع لنحو350 فردا تقريبا, وتتولي مباحث السجن الإشراف علي عنبر الجنائي فقط, وتدير جهات أخري غيره من العنابر مثل: عنبر الإخوان, وعنبر السياسيين, وعنبر التخابر, أما العنبر الخامس بالسجن فهو كما يقال- مخصص لاستقبال الضباط والقضاة المتهمين في قضايا الرشوة, والمعاملة فيه مميزة بعض الشيء, ويطلق علي العنبر السادس مسمي عنبر التأديب ويتكون من7 زنازين انفرادية, مساحتها متران في مترين, بعضها لا توجد به إضاءة أو فتحات تهوية. ويتكون سجـن استقبال طرة من3 عنابر( أ, ب, ج), إضافة إلي عنبر التأديب, تضم نحو1600 معتقل, والعنبران الأولان متعددا الطوابق, وتقع الزنازين الفردية في الدور الأول والجماعية في باقي الأدوار, ويعد عنبر( ج) أسوأ العنابر برغم أنه أحدثها بناء, حيث يتكون من دور واحد مبني بالخرسانة المسلحة, وتكاد تنعدم به التهوية و يصنف كعنبر شديد الحراسة.. ويقع سجن ملحق المزرعة علي طريق الأتوستراد وتم الانتهاء من بنائه في1993/5/30 وافتتح في1993/6/26 وتم نقل النزلاء إليه من سجن أبي زعبل. رفاهية للكبار فقط وتكثر الحكايات والشائعات عن سجن مزرعة طرة, منها أن كبار الشخصيات من نزلائه يتمتعون برفاهية لا تتوافر لباقي النزلاء, فعلي سبيل المثال علي ما يروي بعض ممن كانوا سجناء فيه- حين دخل الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام السجن خصصت له إدارته زنزانة بها مكتب وبانيو, كانت أصلا مكتب ضابط العنبر, وخصته بمزايا لا تتوافر حتي للضباط, وكانت الحياة في السجن تتوقف تماما وتغلق كافة الزنازين, حين يبدأ عزام تمارينه الصباحية. إلا أن كافة سجون المجمع كوم وسجن العقرب- أو طرة شديد الحراسة- كوم آخر, إذ تقول الروايات عنه إن جدرانه لا يعرف لها لون لكثرة ما صبغتها الدماء, وحيطانه لو نطقت لروت ما عاصرته من مأسي التعذيب, التي تشيب لها الرؤوس, وتدمع العيون, وتفطر القلوب, حتي لقد قيل إن داخله مفقود وخارجه مولود.. فغرفه ضيقة موبوءة, تزدحم بوجوه غبرتها الحياة, وأجساد لا تستطيع علي حد تعبير سجين سابق- أن تميز بين رائحة عرقها ورائحة طبخها ورائحة إخراجها, فالروائح تختلط مشكلة توليفة من القرف والبؤس تكفي لقتل من لم يمت من التعذيب أو الكآبة والحزن, أما من تكتب له الحياة فيعتادها مع مرور الأيام, ولا يجد فيها شيئا منفرا أو غريبا, تصير جزءا منه ويصير جزءا منها. ويقع سجن العقرب في مؤخرة السجون علي بعد كيلومترين من بوابة المجمع, إلا أن وضعه كسجن شديد الحراسة, وآخر العنقود لسلسلة طرة لاند الشهيرة( افتتح في1993/5/30 م) جعل موقعه, مميزا فهو محاط بسور يرتفع سبعة أمتار وبوابات مصفحة من الداخل والخارج, وتقع مكاتب الضباط بالكامل خلف الحواجز والقضبان الحديدية. يتكون السجن من320 زنزانة مقسمة علي4 عنابر أفقية كل عنبر به80 زنزانة علي شكل حرفH, ومساحة الزنزانة2,5 متر3 أمتار وارتفاعها3,5 متر, ولها باب حديدي ارتفاعه متران وعرضه متر مزود بفتحة ترتفع عن الأرض1,5 متر, مساحتها1525 سم, وبداخل كل زنزانة مصباح قوته100 وات, يتم التحكم في إضاءته من غرفة التحكم الخارجية, كما يوجد شباك90 سم80 سم يرتفع عن الأرض بنحو2,5 متر ويطل علي طرقة مسورة أعلاها سقف خرساني, وبالسور فتحات ترتفع ثلاثة أمتار تسمح بدخول الهواء والشمس للزنازين بطريقة غير مباشرة, لإنحراف شباك الزنزانة عن الفتحة المسورة بمسافة1,5 متر وتتحكم تقلبات السياسة العقابية لإدارة السجن في كافة أوجه الحياة به, إذ تستطيع قطع المياة والإضاءة وغلق الشبابيك حسب ما تراه مناسبا.. وهناك قطعة أرض خرسانية مغطاة بالرمال في مؤخرة الزنازين مساحتها25 م15 م, علي شكل حرفL, لتريض نزلاء عشرين زنزانة حبس انفرادي, تستخدم كعنابر تأديب شديدة الحراسة خاصة بالمعتقلين السياسيين, يمنع عنهم فيها الإضاءة وتبادل الحديث. وكل عنبر ينفصل بشكل كامل عن باقي السجن بمجرد غلق بوابته الخارجية المصفحة, فلا يتمكن المعتقلون حتي من التواصل عبر الزنازين, كما يفعل المساجين في السجون العادية, إذ تحول دون تواصلهم الكميات الهائلة من الخرسانة المسلحة التي تمنع وصول الصوت. يضم سجن طرة مستشفي صغيرا يطل علي حديقة تعرف بأنها العنبر الذي يحتجز به كبار رجال الأعمال والوزراء السابقون المتهمون والمحكوم عليهم في قضايا فساد, كما يوجد به ملعب كبير لكرة القدم, وآخر يستخدم كملعب للتنس أو للكرة الطائرة, وهي أماكن التريض للنزلاء. ويقع مستشفي ليمان طرة داخل الليمان وهو عبارة عن عنبر منفصل مساحته30 م20 م وينقسم العنبر إلي دورين منفصلين, يخصص الدور الأول للسجناء الجنائيين, والدور الثاني للسجناء السياسيين, وبداخل عنبر المستشفي توجد دورة مياه بها قاعدة بلدي والأخري إفرنجي وحوض مياه. طقوس خاصة وبصفة عامة هناك طقوس أشبه بعرف غير مكتوب متعارف عليها داخل السجن, يحترمها كافة السجناء, فلكل زنزانة كما يروي أحمد ماهر أحد نزلاء طرة السابقين- نوبتجي أو نبطشي, ويكون عادة- أقدم من فيها, يحترمه الجميع ولا يخالفه أحد مهما يكن وضعه خارج السجن بلطجيا أو مجرما, من أجل ترسيخ قواعد الزنزانة والمحافظة عليها ومنع أي تدخل من إدارة السجن التي عادة في حالة حدوث مشكلة تلجأ للحلول السهلة مثل تكدير الزنزانة كلها ظالما ومظلوما, والظلم في السجن ممنوع, فقد ظلم أكثر النزلاء المسجونين خارج السجن حتي أتوا إليه, ولذلك يحاولون قدر الإمكان عدم ظلم بعضهم البعض. وللأقدمية عامل كبير في السجون, فالأقدم يمكنه الاستئثار بمساحة كبيرة ونمرة مميزة بعيدا عن الضوضاء( النمرة هي الفرشة أو البطانية التي ينام عليها السجين) وتعد السجائر العملة المستخدمة داخل السجن, فكل سلعة تستخدم خارجه أيا كانت يمكن شراؤها بالسجائر, وكذلك كل الخدمات من غسيل أو كي وخلافه. تاريخ مظلم ولسجن طرة تاريخ مظلم في مجال انتهاكات حقوق الإنسان, بسبب النظم الإدارية السائدة التي تتيح للقائمين علي أمر السجون سلطة غير محدودة للتعامل مع السجناء, فوفقا لما ذكره الذين سبق اعتقالهم بسجن المزرعة من جماعة الإخوان المسلمين فأن المساجين يعاملون فيه معاملة قاسية, تتبدي في معاقبتهم بتكسير الصخور وحملها علي الظهر, ونعتهم بألفاظ نابية في أثناء قيامهم بذلك, وتفتيشهم بشكل مستمر, بالإضافة إهانة أسرهم في أثناء الزيارة. كما شهد طرة جرائم في حق المساجين, لعل أشهرها مذبحة الأخوان المسلمين يوم السبت1957/6/1 م والتي أسفرت عن سقوط21 شهيدا و23 جريحا, وفقد6 عقولهم, وجري إبلاغ أسر الشهداء لتسلم جثثهم مع شرط ألا يعلم بموتهم أحد, وألا تقام لهم جنائز, ويتم دفنهم ليلا بحضور أحد الأقارب, وبقيت مقابرهم تحت الحراسة مدة لا يقترب منها أحد. ودوما طرة كان محبسا للمشاهير, ومن أشهر النزلاء الذين حلوا عليه في فترته الأولي قادة الإخوان المسلمين: سيد قطب وأحمد البس ومحمد هواش وحسن دوح, واتبعهم الكاتب الصحفي مصطفي أمين وأعضاء تنظيم ثورة مصر وقيادات الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد وشركات توظيف الأموال, ومنهم عبود وطارق الزمر, وأحمد الريان, والوزير الأسبق محيي الدين الغريب والقيادي اليساري كمال خليل والصحفي جمال فهمي, ومحافظ الجيزة الأسبق ماهر الجندي, والجاسوس عزام عزام والسياسي المعارض د.أيمن نور, والقيادي الإخواني خيرت الشاطر ورجلا الأعمال حسام أبو الفتوح وهشام طلعت مصطفي والإعلامي محمد الوكيل, والرئيس الأسبق لنادي الزمالك مرتضي منصور, ومحسن شعلان وكيل وزارة الثقافة السابق.. وغيرهم. وبعد ثورة25 يناير انقلب الحال ومثل يوم13 أبريل2011م, علامة فارقة في تاريخ السجن, إذ خرج أغلب نزلاء مزرعة طرة من الإخوان والقيادات الإسلامية ليحل محلهم كبار رجال نظام الرئيس السابق وعلي رأسهم ابناه علاء وجمال, وصفوت الشريف, وفتحي سرور, وأحمد نظيف, وحبيب العادلي, وزكريا عزمي, وأحمد عز, وأنس الفقي, ومحمدإبراهيم سليمان, فضلا عن عمر عسل وأسامة الشيخ, ولواءات الداخلية الأربعة: إسماعيل الشاعر وعدلي فايد وأحمد رمزي وحسن عبد الرحمن, وتنوعت الاتهامات الموجهة إلي هؤلاء المسئولين بين الفساد والرشوة واستغلال النفوذ, وتسهيل الاستيلاء علي المال العام وقتل المتظاهرين سلميا. عيد السجناء وعدت أيام دخول رموز النظام السابق سجن المزرعة عيدا لدي المواطنين والسجناء علي حد سواء, إذ رافقت الميكروباصات مواكب انتقالهم إلي السجن بالزغاريد فيما يشبه زفة العروس إلي عش الزوجية, ولم ينس الشعب في غمرة فرحته كعادته دائما- إلقاء التعليقات الساخرة الكوميدية علي مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر, فبعد وصول رئيس مجلس الوزراء الأسبق أحمد نظيف, واكتمال هيئة مكتب الحزب الوطني داخل السجن, أكد الأهالي أن اسم سجن المزرعة تغير إلي رئاسة مجلس الوزراء, واقترح الناشط وائل غنيم تغييره إلي السجن الوطني الديمقراطي, في إشارة إلي الحزب الوطني. وأطلق الشعب علي الرموز المحبوسة مسميات: حكومة طرة والمنتخب القومي بطرة وباشوات بورتو طرة, وقيل إن المساجين أخذوا يغنون لجمال وعلاء: ماما زمانها جاية.. جاية بعد شوية, جايبة بيتزا وكباب, عمايل طنت عفاف( في إشارة لشكوي الفنانة عفاف شعيب أنها لا تجد بيتزا لابن أختها بسبب الثورة), ومما قيل أيضا: - الشعوب عندها رئيس سابق, وأحنا عندنا رئيس سوابق. - ودوه ودوه.. وعلي طرة رحلوه. - زي ما قال الريس.. طرة دا سجن كويس. - علشان مصر تبقي أبية.. ياللا أرموه مع الحرامية. - وعلي غرار أغنية محمد منير: سو يا سو.. حبيبي حبسووه.. تغني بعضهم قائلين: سو يا سو مبارك حبسووه مبارك عايز محامي ومنين اجيبله محامي الكل قال قدامي دا حرامي أمسكووه سو يا سو مبارك حبسووه وجمال وعلاء وياه وف طره راحو وراه وسوزان بتقول الآه أخص عليكو واتفوه سو ياسو مبارك حبسوه مبارك نفسه ف بدله ومنين أجيبله بدله دا ماعدتش حاجه فاضله وحق الشعب هنرجعـــــووه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق