السبت، 14 أبريل 2012

باسم الشعب أيمن نور

باسم الشعب الذى كافح على مدى التاريخ من أجل حقه المشروع فى الحرية والحياة الكريمة ضد السيطرة المعتدية من الخارج والسيطرة المستبدة والفاسدة من الداخل.. باسم الشعب الذى استلهم العظمة من ماضيه مدركاً أن المطالب بالإصلاح عبر المبادرات والوثائق لم تعد إلا استهلاكاً واستنزافاً للوقت.. باسم الشعب الذى يؤمن أن استقلاله الثانى هو الدستور الجديد الذى يطمح إليه منذ سنوات بعيدة لم يفصل فيها يوماً بين نضاله من أجل الاستقلال ونضاله من أجل الدستور، وقدم الدماء والشهداء من أجل الغايتين معاً «الاستقلال والدستور». نؤمن أكثر من أى وقت مضى أن مصر تحتاج لدستور جديد يتجاوز فكرة الأقلية والأغلبية ويتجاوز أحكام المحكمة الإدارية، وقبول أو رفض البعض لما جرت عليه الأمور بفعل الالتباس القائم فى نص المادة «60» التى وردت فى الإعلان الصادر فى 30 مارس 2011 التى تنص على: «يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسى شعب وشورى فى اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، خلال ستة أشهر من انتخابهم، لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولى إعداد مشروع دستور جديد، فى موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها.. إلخ»، ومؤدى النص السابق، أنه بعد أن حدد صراحة تشكيل هيئة الناخبين، التى تتولى اختيار اعضاء اللجنة التأسيسية، ثم عاد وحدد دور اللجنة التأسيسية ومهمتها ومدة عملها، بما يقطع بالانفصال بين الدورين ولو بصورة غير واضحة بالدرجة الكافية. ومن هنا تعود الكرة مرة أخرى فى ملعب المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى ينبغى عليه سرعة إصدار نص جديد فى الإعلان الدستورى يعدل المادة 60، فاصلاً بين البرلمان الذى ينتخب اللجنة التأسيسية وبين القوى السياسية والطوائف الدينية والمجتمعية والخبرات الدستورية التى يجب أن تتصدى لهذه المهمة المقدسة. اعجبنى كثيراً ما كتبه بالأمس الدكتور حسن حنفى: «ليس الدستور عمليات إجرائية بانتخاب لجان أو تعيينها مع نسبة للأقليات، لا يعبر عن تيار واحد، أغلبية أو أقلية بل عن «إجماع المواطنين فى صيغ توافقية» حتى يقرأ كل تيار فيها نفسه دون سيطرة أو استبعاد.. الدستور عملية «احتواء» للجميع وتأليف بين كل وجهات النظر.. الدستور له روح بالرغم من تعدد أطراف البدن، ليس الدستور قوة لصالح حزب بل هو سيطرة على القوة لصالح الجميع.. ليس مع أحد أو ضد أحد بل يعبر عن روح الكل.. أعضاء لجنته ليسوا نواباً حزبيين بل «خبراء قانون دستورى».. ليس الدستور وثيقة تعبر عن صراع قوى حزبية وسياسية، كل قوة أو حزب يريد أن يضع رأيه فيه، بل هو «توافق» بين القوى السياسية والتيارات الفكرية فى البلاد، لا يسبعد بل «يضم»، لا يهمش بل «يستقطب الجميع نحو المركز، لا يعبر عن أيدولوجيا إسلامية أو ليبرالية أو اشتراكية أو قومية، بل يعتمد على البديهة والفطرة والحس المشترك والصالح العام». هذا بعض ما نتمناه لدستور جديد دفعت مصر من الدماء والشهداء ما يجعلها لا تقبل دون هذا بديلاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق