الأحد، 26 فبراير 2012

بيان د/كمال الجنزوري امام مجلس الشعب

بسم الله الرحمن الرحيم السيد الدكتور رئيس مجلس الشعب السيدات والسادة أعضاء المجلس الموقر "أقف بمجلسكم الموقر شاكرا الله داعيا أن يُتم فضله على مصرنا الغالية وأن يمتع مواطنيها بالأمن الموعودة به دائما، وأقدم بيان الحكومة فى عهد الثورة المباركة التى فجرتها عقول واعية وقلوب مخلصة ونوايا شريفة، تلك الثورة التى لم يكن ثمنها هينا.. فقد ارتوت بدماء زكية سالت من شهداء أبرار ومصابين شرفاء.. فتحية لروح شهداء الثورة.. وتحية لكل مصاب من مصابيها. السيد الدكتور رئيس مجلس الشعب السيدات والسادة أعضاء المجلس الموقر "عملت الحكومة منذ الوهلة الأولى على أن تعبر بالوطن إلى بر الأمان مستلهمة غايات الثورة، شاخصة إلى مراميها، داعمة لكل ما من شأنه أن يسهم خلال مدتها المحددة والمحدودة فى تحقيق الرفاهية والحرية والعدالة الاجتماعية للمواطن، الأمر الذى يتطلبه من بين أهم ما يتطلب تنمية مستدامة سياسية واقتصادية واجتماعية تسندها استراتيجية عامة تعبر - مع اكتمال الأطر الدستورية والتنفيذية - عن غايات كل الشعب وآماله. ويعلم الكافة أن مصر والحمد الله غنية بثرواتها التى وهبها الله لها والتى ستكون دائما مصانة بعيدة عن الطامعين، تعود بالخير الوفير على المواطنين أجمعين.. وهى غنية أيضا بشبابها ورجالها ونسائها وعلمائها وصناعها وزراعها وعمالها، وكل أبنائها المخلصين. وتثبت مصر الواثقة السباقة إلى آفاق الحضارة والتقدم عبر التاريخ أن إراداتها لم تلن وعزمها لم يخفت رغم ما مر بها من صعاب.. وأنها عادت من جديد بثورة أبنائها أقوى إرادة وأعمق أملا تبنى بسواعدهم مجتمع القوة والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتبدأ مرحلة جديدة يستشرف بها حضارة تليق بالقرن الحادى والعشرين لتقف مصر شامخة بين جميع الدول الناهضة والمتقدمة على حد سواء. "رعى الله مصر وأرضها وأبناءها، وسلام دائم على شعبها العظيم الذى عاهد الله أن يحفظ لمصر أمنها وكرامتها بالعمل والتفانى من أجل تحقيق أهدافها القومية، "إننا نواجه عالما جديدا فى دأب وحركة إلى التطور والرقى يلزمنا بضرورة العمل المتواصل وشحذ الهمم، كى نتفوق فيما نجابهه إزاء منافسة عاتية وتحديات ظاهرة شتى لنحتفظ لمصر بدورها المرموق الذى فرضه مكانها الفريد جغرافيا بين الأمم، وليظل لها الفاعلية دوليا وفى محيطها العربى والإسلامى والأفريقى، وأن نحرص دائما على توفير كافة المقومات التى تهيئ لها المكانة والاعتبار وتحقيق الأمن والاستقرار اللذين يدفعانها إلى التطور والتنمية فى مجالاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتظل مثلا يحتذى كما كانت ثورتها العظيمة مثلا شهدت بتفرده الدول جميعا. "هذا مانصبو إليه جميعا وما تؤمن به الحكومة التى تتولى التجهيز للمرحلة الجديدة وتهيئ المناخ اللازم لإنجاحها.. وقد أعدت لذلك برنامجا قامت على الفور بتنفيذ أجزاء مهمة منه فى مجالات بناء النظام الديمقراطى وإرساء دولة سيادة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية واستعادة قدرات الاقتصاد القومى وتوفير العوامل الدافعة لانطلاق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأيضا تطوير الخدمات وخاصة فى مجالى التعليم والصحة.. ونستكمل إن شاء الله خطواتها الإيجابية فى هذه الشئون وغيرها. "وبادئ ذى بدء نشير إلى ما كان على رأس أولويات الحكومة وعملت له منذ توليها مهامها وهو توجيه العناية الفائقة لحقوق ومطالب أسر شهداء الثورة ومصابيها وصرف المستحق لهم من تعويضات ومعاشات وتوفير العلاج الملائم والمناسب للمصابين ورعايتهم فى الداخل والخارج.. ورعاية أسر شهداء ومصابى الثورة والانتهاء الكامل من تسليم جميع مستحقات الضحايا بواسطة المجلس القومى لرعاية أسر وشهداء ومصابى الثورة الذى أنشىء لهذا الغرض.. كذلك تم ضم شهداء ومصابى ماسبيرو وشارع محمد محمود وأمام مجلس الوزراء إلى شهداء ومصابى الثورة بتوفير ذات الحقوق. "هذا وتحرص الحكومة على أن يكون بيانها جامعا شاملا لما قامت به وتزمع إتمامه إن شاء الله خلال مدتها المحدودة المحددة.. ومن ثم يرد فيما يلى بيان النقاط والتوجهات الرئيسية للحكومة الذى يبدأ بشأن الخارجى ثم يعرض بعد ذلك الشئون الداخلية: أولا: الشأن الخارجى إعادة تخطيط خريطة العلاقات الدولية لمصر :تتأسس علاقات مصر بجميع دول العالم - كبيرها وصغيرها - على مراعاة التوازن والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى شئون الآخرين وتنمية علاقات التعاون الثنائى المتكافئة، وعدم قبول الوصاية أو الإملاءات أو الشروط من الغير، والتأكيد على عودة ريادة مصر فى المحيط العربى والإقليمى، وعلاقاتها القوية بشقيقاتها من الدول العربية والإسلامية، واحترام الروابط التاريخية والمصير المشترك والعمل على نشر الثقافة وتعظيم التجارة والاستثمار بينها وبين الدول العربية والإسلامية والتعاون الجاد المستمر فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. واستمرار مصر فى ممارسة دورها القوى فى مساندة ودعم الشعب الفلسطينى فى سعيه للحصول على حقوقه المشروع وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، كذلك التأكيد على العلاقات الإستراتيجية والتاريخية التى تربط مصر بدول حوض النيل، والعمل على تنفيذ مشروعات مشتركة معها لاستقطاب فواقد النهر وتعظيم الاستفادة من مياهه سواء فى تنفيذ مشروعات الرى أو مشروعات توليد الكهرباء أو النقل النهرى، وذلك فى إطار الاحترام المتبادل لمصالح جميع الأطراف، وأن تمتد مثل هذه العلاقات مع دول شرق وغرب وجنوب أفريقيا وأن تنشط اتفاقية الكوميسا المتفق عليها من 19 دولة أفريقية بينها مصر. وبناء على ما تقدم تؤكد الحكومة السعى قدما لتعزيز علاقات التعاون المشترك مع كافة الدول فى جميع المجالات وعلى الأخص: - تعزيز وتنمية العلاقات التجارية وغيرها فى مجال التنمية والاستثمار وزيادة حجم التبادل التجارى والاستثمارى. - تعزيز وتنمية العلاقات المصرية بالتكتلات العربية والإسلامية والأفريقية المختلفة. - تعزيز علاقات التعاون الفنى والثقافى والتعليمى لتبادل المعرفة والمعلومات ومنجزات العلم والتكنولوجيات الحديثة مع الدول، سواء فى ذلك الدول المتقدمة وكذلك العربية والأفريقية والإسلامية ودول العالم الثالث بوجه عام. "هذا ويتم بالتوازى مع كل ما سبق تطوير أداء أجهزة وزارة الخارجية المصرية، سواء فى الداخل أو بالنسبة لبعثاتنا فى الخارج، وذلك بما يواكب التطور فى أجهزة الاتصالات من ناحية وبما يواكب أهداف الثورة من ناحية أخرى. ثانيا: الشئون الداخلية: بناء النظام الديمقراطى "إن الخريطة السياسية المعلنة والمؤكدة، أصبحت واضحة الخطوط والتوقيتات.. بدأت والحمد لله بمجلسكم الموقر.. وأيام قليلة وينضم إلى المؤسسة التشريعية مجلس الشورى، وأيام آخرى ويتم انتخاب الهيئة التأسيسية لوضع الدستور الجديد.. وخلال شهرى أبريل ومايو بإذن الله يعد الدستور الجديد والاستفتاء عليه. "وسيأتى الدستور الجديد إن شاء الله معبرا تعبيرا صادقا عن آمال الشعب المصرى باختلاف أطيافه وتياراته. وخلال شهر يونيو تجرى انتخابات رئاسة الجمهورية لاختيار رئيس يعبر تعبيرا حقيقيا عن إرادة الشعب. على أنه مع الوصول إلى هذه الأهداف التى تعبر عن الحلم الكبير لشعب مصر بأكمله وخلال الشهور القليلة القادمة يلزم دعم العمل من أجل تحسين الوضع الأمنى وإقامة المؤسسات الهامة كالنقابات والاتحادات ودعم جمعيات العمل المدنى وحقوق الإنسان وتطوير الإعلام. "هذا وقد تكفلت الحكومة وتتكفل باتخاذ كل ما يلزم لتوفير المناخ الداعم للإسراع ببناء النظام الديمقرطى، على النحو التالى: استكمال البنية التشريعية للتحول نحو النظام الديمقراطى واتخاذ الإجراءات اللازمة لاستكمال البنيان التشريعى.. وتعديل قانونى مجلسى الشعب والشورى، وقانون تنظيم ممارسة الحقوق السياسية، وقانون الانتخابات الرئاسية، وقانون الدوائر الانتخابية، وغيرها، وذلك فى إطار العمل على النقل الكامل للسلطة إلى إدارة مدنية. - توفير التمويل اللازم لتدبير جميع المتطلبات اللازمة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية والاستفتاء على الدستور بتكلفة إجمالية 1.2 مليار جنيه، فضلا عن تأمين المقار واللجان السياسية والفرعية وضمان التنسيق الكامل بين أجهزة الشرطة والقوات المسلحة فى هذا الشأن. - الحرص على إجراء التنسيق الكامل والمستمر بين الحكومة ومجلسى الشعب والشورى. - تعزيز اللامركزية وتفويض المحافظين فى بعض سلطات الوزارات المركزية، وتفعيل القرار الصادر فى شأن تفويض المحافظين كل فى نطاق محافظته فى مباشرة الاختصاصات المخولة لرئيس الجمهورية بمقتضى القوانين واللوائح. - العمل على تحقيق التوافق السياسى بين كل أطياف المجتمع وأحزابه وقواه السياسية بما يحقق المصلحة العليا للوطن. - الالتزام بكفالة حق التظاهر والتعبير عن الرأى طالما تم بالأسلوب السلمى (وقد وجهت منذ اليوم الأول لتولى مسئولية هذه الحكومة بعدم تعامل الشرطة بالعنف المادى أو حتى العنف اللفظى مع أية تظاهرة سلمية). - إعمال القانون وتطبيقه على من يندس من المتظاهرين ويستغل التظاهرات السلمية فى إحداث أعمال عنف أو تخريب أو تعطيل المرافق والمنشآت الحيوية بالدولة. - استمرار ملاحقة الفساد والمفسدين، وعدم التسامح مع أى شخص ينهب ثروات الشعب. - تهيئة كل الظروف لقضاء مصر الشامخ لتحقيق استقلاله المرجو وكفالة العدالة الناجزة. - تفعيل الدور السياسى للمرأة وتقديم المزيد من التمكين الاقتصادى والاجتماعى لها، وذلك من خلال التشكيل الجديد للمجلس القومى للمرأة. إرساء أركان دولة القانون.. "تحرص الحكومة على بذل جهود إيجابية وبإصرار لتحقيق عودة الأمن والاستقرار فى أسرع وقت ممكن وإعادة هيكلة أجهزة الشرطة وتوفير ما يلزم لعودة الاستقرار بالدرجة التى تعود بها الحياة إلى طبيعتها، وطمأنة المواطنين على أنفسهم وذويهم وممتلكاتهم، والمستثمرين على استثماراتهم، للتشجيع على جذب المزيد من المستثمرين الجدد، سواء فى مجال التوسع فى المشروعات القائمة أو فى مجال إنشاء مشروعات جديدة، بما يؤدى إلى رفع معدلات النمو الاقتصادى وزيادة فرص العمل وتحقيق الأمن والانضباط للشارع. وفى سبيل ذلك قامت وتقوم الحكومة بما يلى: - تدبير واستكمال جميع احتياجات الشرطة من السيارات والمعدات والأفراد والتجهيزات لتعويض ما تم تدميره من معدات ومنشآت وإعادة تأهيل وتجهيز مبانى أقسام ونقاط الشرطة للعمل بكامل طاقتها وكذلك مبانى السجون. - استكمال تأمين سيناء وتوفير الاحتياجات العاجلة اللازمة لذلك. - استكمال أجهزة نظم المعلومات وأجهزة المعامل الجنائية والمساعدات الفنية. - مداركه الأسلحة ومعدات التسليح اللازمة لحماية القوات. - وضع خطة محكمة تستهدف الاعتماد على العناصر التى تحسن تولى مسئولية الحفاظ على أمن الوطن والمواطنين، وتجلى العمل الشرطى وأن يصبح خالصا لخدمة الشعب، والحفاظ على مقوماته بتوافر العزيمة القوية والاستعداد للتضحية من أجل الحق والواجب. - العمل على مد الدعم المعنوى لأفراد وضباط الشرطة ومنحهم كل الثقة والتقدير والاعتبار. - العمل على تحقيق التعاون والمشاركة بين المواطنين ورجال الشرطة فى إطار من الاحترام المتبادل والحرص على مصلحة الوطن وتطبيق القانون. فى سبيل تحقيق العدالة الاجتماعية .. "تدرك الحكومة وتؤمن بأن رفع مستوى المواطن اجتماعيا واقتصاديا وتحقيق العدالة بين فئات المجتمع من أهم الأولويات التى تعطى لها العناية وتعمل الحكومة على تحقيق ذلك باعتباره من أهم أهداف الثورة، ومن أجل ذلك قامت وتستمر فى هذا الاتجاه حتى الحدود القصوى للإمكانات والموارد المتاحة لتقديم جميع أوجه الرعاية والمساندة الواجبة للفئات الأولى بالرعاية ولمحدودى الدخل على النحو الآتى:- - زيادة قيمة معاش الضمان الاجتماعى من 150 جنيها ليبلغ فى المتوسط نحو 200 جنيه شهريا وفقا لعدد أفراد الأسرة ومكوناتها، وزيادة عدد المستفيدين منه من 2ر1 مليون أسرة إلى 5ر1 مليون أسرة، بتكلفة إجمالية إضافية نحو 800 مليون جنيه سنويا. - يتم العمل على تثبيت نحو 500 ألف موظف تدريجيا بالجهاز الإدارى للدولة على درجات دائمة. - استكمال برنامج رفع الحد الأدنى للأجور ليصل إلى 1200 جنيه شهريا مع حلول عام 2014 / 2015. - تطبيق برنامج الحد الأقصى للأجور، وربطه بالحد الأدنى.. حيث يكون الحد الأقصى للأجور فى حدود 35 مثل الحد الأدنى. - زيادة المعاشات بنسبة 10% اعتبارا من أول يناير 2012 وبحد أدنى 60 جنيها، ويستفيد من هذا الإجراء 7ر6 مليون مواطن. - ضم السيدات المعيلات ويبلغ عددهن نحو 5 ملايين امرأة وكذلك أبنائهن الأقل من 6 سنوات إلى نظام التأمين الصحى الاجتماعى، اعتبارا من أول يناير 2012 وتتكلف الخزانة العامة لذلك نحو 300 مليون جنيه سنويا مع قصر ما تتحمله المعيلة على جنيه واحد شهريا لتأكيد انتظام وجودها. - العمل على تطوير إنتاج رغيف الخبر المدعم، وتطوير منظومة التوزيع. - العمل على تطوير منظومة توزيع البوتاجاز بما يؤدى إلى استمرار توافرها ويقضى على تسرب دعمه لغير مستحقيه. - تنشيط جهاز وجمعيات حماية المستهلك من أجل القضاء على صور الاستغلال والغش. - إعفاء الفلاحين من غرامات التأخير والفوائد الإضافية على القروض المستحقة لبنك التنمية والائتمان الزراعى وإعادة جدولة القروض، ويستفيد من هذا التيسير 24 ألف مزارع، بالإضافة إلى إنهاء حبس 25 مزارعا وتتحمل الحكومة المبالغ المستحقة عليهم، وتبلغ القيمة الإجمالية لجميع هذه التيسيرات نحو 440 مليون جنيه. - تحمل الخزانة العامة فروق أسعار توريد قصب السكر والتى ستزيد من 280 جنيها إلى 325 جنيها للطن بتكلفة إضافية مقدارها 340 مليون جنيه. - زيادة مخصصات التغذية المدرسية لتغطى فترة تمتد من 120 يوما إلى 160 يوما دراسيا لكل طالب، بتكلفة إضافية 400 مليون جنيه سنويا، وذلك كخطوة نحو تغطية جميع أيام العام الدراسى بالكامل. - العمل على مضاعفة اعتمادات العلاج المجانى على نفقة الدولة بما يحقق تغطية أنواع جديدة من الأمراض وزيادة عدد المستفيدين، بتكلفة إضافية 3 مليارات جنيه (عند مضاعفة الأعداد فى عام 2014 / 2015). - زيادة الاعتمادات المخصصة لتمويل مشروعات الإسكان منخفض التكاليف والتعجيل بتسليم 76 ألف وحدة سكنية خلال العام المالى الحالى. وأضاف : "بدأت الحكومة منذ تولى مقاليد الأمور العمل على التصدى للمشاكل الحالية التى تواجه الاقتصاد القومى بوجه عام، ودفع عجلة الإنتاج والتخفيف من وطأة عجز الموازنة، بترشيد الإنفاق وتنشيط تحصيل إيرادات الموازنة العامة، وكذلك النظر فى تدارك أوضاع ميزان المدفوعات عملا على تخفيف الضغوط على العملة الأجنبية بعد انخفاض إيرادات السياحة بوجه خاص. "وفى ذات الوقت.. اتجهت الحكومة إلى المستقبل القريب، إذ أن استقامة الأوضاع الاقتصادية وتصحيح مسارها فى المستقبل، وشحذ إيجابياتها وتقدير ما يمكن أن تتطور إليه أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية وغاياتها وسياستها وأيضا أوضاع الموازنة العامة، لابد وأن تمتد الدراسة والبحث إلى المدى القصير الذى لا يقتصر على سنة قادمة واحدة بل يعبر إلى ما بعدها لسنة أخرى على الأقل فيشمل سنتى 2012/2013 و 2013/2014 وذلك للتأكيد على أن ما تم ويتم حاليا وخلال السنة القادمة إنما يصلح للبناء عليه، ويضمن الاستمرار لما يرى من التوجهات الإيجابية التى تعد بمفاهيم الأوضاع الحديثة للبناء الدستورى والنظام الديمقراطى الجديد .. خاصة فيما يتعلق بتحديد أهداف مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التى ينبغى أن تعى آمال المجتمع وغاياته حسب إستراتيجية شاملة تحدد فى ضوئها الغايات والأهداف التى يتضمنها الخطط القومية طويلة ومتوسطة وقصيرة المدى "بادىء ذى بدىء لايصح أن ينظر إلى شئون مصر الداخلية بمعزل عما يدور حولها فى دول العالم ومنطقة الجوار والمنطقة العربية والأفريقية كما لا يصح إغفال ما يمر به الاقتصاد القومى فى الوقت الحالى، فى ظروف عالم متغير مازال فى خضم أجواء غير مواتية لايمكن التغاضى عن آثارها وردود أفعالها على أوضاعنا المحلية.. خاصة وقد أصبحت القوى الإنتاجية محدودة النمو.. ولا أقول - إن تركت على حالها - تصبح فى بدء مراحل الركود. "لذلك فقد عاهدنا الله والمواطنين على العمل بدأب لدفع اقتصادنا فى الاتجاه الصحيح نحو مركز القوة الذى يجنبه الخضوع لأية أثار سلبية ناشئة عن الأوضاع العالمية أو المحلية ويكسبه المناعة اللازمة حيالهما. نحو تحديد الركائز الهامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية "من المعروف أن الدولة بصدد تحديد أنسب الظروف لوضع استراتيجية العمل الوطنى فى مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية مع اكتمال المؤسسات الدستورية وإصدار الدستور الجديد. "وقد يرى أن تتحدد هذه الإستراتيجية بواسطة مؤتمر اقتصادى عام يجمع الخبرات والآراء المختلفة، ويمثل فيه الشباب تمثيلا مناسبا.. فهم رعاة المستقبل ولهم ثمار كل الجهود المبذولة حياله، وهم الذين ينبغى أن يعبروا عن أمالها وغاياتهم، وأن تحدد الأولويات والأهداف حسب ذلك، بحيث تصبح عصب الخطط الطويلة والمتوسطة والقصيرة المدى التى تصاغ أهدافها المرحلية بحيث تصل بالتتابع والتراكم إلى مرامى الأهداف الأبعد مدى، ومن ثم تبلغ بها آمال الشعب جميعا. "ولاشك أن ضمان العيش فى سلام ووئام فى المجتمع داخليا وخارجيا وتحسين مستوى ونوعية المعرفة البشرية وتوفير التعليم حسب أحدث النظم والقضاء على الأمية والارتفاع بمستوى الصحة الوقائية والعلاجية كما ونوعا وتحقيق معدلات مرتفعة للنمو الحضارى والاقتصادى والاجتماعى وتحسين الأوضاع التنافسية وعدالة التوزيع لعوائد التنمية والتركيز على البحث العلمى واستخدام التكنولوجيات المتقدمة والمستنبطة عالميا ومحليا، والعناية بالتنمية البشرية ومحاربة الفقر والقضاء على أسبابه .. إلخ، كلها محل اهتمام فى إطار عقد اجتماعى جديد لا تمييز فيه لأية طائفة أو لون أو جنس.. يشيع فيه احترام القانون ليعيش الجميع فى عدالة تحت طائلته وأن يقضى على الفروق الكبيرة فى الدخول بما يضمن عدالة التوزيع تحقيقا للعدالة الاجتماعية المرجوة والمأمولة من الجميع. وتابع أنه يهم الإشارة إلى أن ما ورد من قبل لن يبدأ من فراغ وإنما يستند إلى بنية أساسية وقاعدة إنتاجية وأصول قومية عامة وخاصة، قائمة بكل مقوماتها.. ولكن عطل بعضها ولم يحسن استخدام بعضها الآخر.. رغم ما تميزت به من إمكانات لو كانت استغلت الاستغلال الأمثل فى العقد الماضى لأصبح المجتمع فى خير عظيم بدلا مما نشهده الآن من شدة وضيق. "لقد أدى التفريط فى مقدرات الوطن لأطول من عقد مضى إلى إضعاف القاعدة الإنتاجية للزراعة والصناعة أساسا، وانخفاض كفاءة قطاعات الإنتاج الخدمى وإمكاناته خاصة فى النقل والمرافق العامة وكذلك فى الخدمات العامة وفى التعليم والصحة وغيرها من الخدمات الأخرى.. وتفاقمت أسباب الفقر الذى يظهر واضحا فى العشوائيات التى زادت أعدادها ومساحاتها، وتركزت داخل المدن وحولها .. رغم ما كان يبذل من الجهود حتى نهاية القرن الماضى لعلاج أوضاعها وخصصت لها اعتمادات بعدة مليارات من الجنيهات لعدة سنوات متتالية من أجل إصلاح أحوال القابل منها للإصلاح ونقل ما لم يكن كذلك وإنشاء البدائل الأفضل. "كذلك فمن أهم ما يكدر الحياة العامة وما يضع قيدا على إمكانات التوسع الاستثمارى اللازم ليحقق معدلات فائقة للتنمية هو البعد المكانى إذ اكتظ الجزء المعمور من مصر اكتظاظا كبيرا، بحيث لم يعد هناك إمكانية لإنشاء مشروعات جديدة فى الكثير من المحافظات إلا على حساب الأرض الزراعية، فكأنه يقتطع من الإنتاج القائم خاصة الزراعة من أجل إنشاء أى مشروعات جديدة أو مقابلة أى توسع سكانى .. بل إن إهدار الأراضى الزراعية الخصبة القائمة أو تجريفها كان أمرا مباحا ومتاحا خلال العقد الماضى، رغم أنه كان محرما تحريما تاما وناجزا قبل ذلك.. ولاشك أن ما حدث حمل بين طياته تبذيرا شديدا وإهدارا لإمكانات لايمكن تعويضها حتى بشق الأنفس وباستثمار أموال طائلة. "وجدير بالذكر أن المكان المأهول ظل لعقود طويلة دون أى تغير أو إضافات كافية، ففى بداية القرن العشرين كانت المساحة المزروعة نحو 7.4 مليون فدان، والمأهولة نحو 6.6 مليون فدان، وكان عدد السكان نحو 2.11 مليون نسمة بمتوسط 4.0 فدان للفرد من المساحة المزروعة ونحو 6.0 فدان للفرد من المساحة المأهولة. "وفى سنة 1999 بلغت المساحة المزروعة نحو 8.0 مليون فدان والمساحة المأهولة نحو 12.5 مليون، لتواجه عدد السكان الذى زاد إلى نحو 60 مليون نسمة، فانخفض متوسط نصيب الفرد من الأرض المزروعة إلى ما يزيد قليلا عن 0.1 فدان ومن الأرض المأهولة إلى نحو 0.2 فدان، فما بالنا الآن وعدد السكان فى الداخل يفوق 80 مليون نسمة على ذات المساحة التى لم تزد زيادة ملموسة عما كانت عليه فى نهاية القرن العشرين. "وكان لزاما مع هذا التغيير أن يسود ضيق أشد فى الحيز السكانى لعدم تزايد الأراضى المزروعة والمأهولة.. من أجل ذلك فقد استهدف اتساع الرقعة الزراعية فى جميع الاتجاهات، فى شرق الدلتا امتدت ترعة السلام إلى حدود قناة السويس ثم ترعة الشيخ زايد بالسويس إلى برها الشرقى فى سيناء والتوسع فى الشمال الغربى على ساحل البحر الأبيض المتوسط بإنشاء ترعة الحمام التى تأخذ مياهها من ترعة النوبارية وتصل إلى الساحل عند مدينة الحمام بما يضيف حيزا عمرانيا يستغل فى الزراعة والصناعة وغير ذلك من الأنشطة الأخرى كالسياحة على رقعة جديدة غرب الدلتا. "يضاف إلى ذلك ما يتم من توسع عمرانى فى جنوب صعيد مصر فى توشكى وشرق العوينات لاستغلال الإمكانات الزراعية والتعدينية والصناعية فى هذه البقعة من أرض الوطن التى تقترب من حدود السودان الشمالية وأيضا حدود ليبيا الشرقية.. بما ينشط العلاقات على حدودنا مع هاتين الدولتين الشقيقتين، إضافة إلى استغلال ما بهذه المنطقة - التى لا ينبغى أن تظل نائية - من إمكانات إنتاجية وزراعية وسياحية ويفتح مجالا واسعا لتوظيف عمالة جديدة. "توقف العمل بهذه المساحات لمدة تزيد عن عقد مضى، رغم ما كان معقودا عليه الأمل من الاستمرار فى تحقيق فسحة المكان ليس بالتوسع الأفقى الزراعى فقط، وإنما بنشر توطين المشروعات الصناعية والمشروعات السياحية، التى يتوافر لها الكهرباء ونشاطات على أن يتخذ اللازم لتوفير مقومات الإنتاج الخدمى المتمثلة فى النقل والاتصالات، وما يستلزمه الأمر من نشر الخدمات الاجتماعية، لتغطى مساحات يزيد بها الحيز الجغرافى لمصر دائما. "وجدير بالذكر أن المشروعات التى لم يراع فيها حسن التوطين والانتشار أفرزت نموا لكنه سبب مشكلات اجتماعية، إذ ضاق المكان على من فيه ومثال ذلك تركز المشروعات الصناعية فى شمال القاهرة وجنوبها وفى مدينة الإسكندرية وحول المدن فى المحافظات بما أدى إلى اشتداد الأعباء على المرافق والإسكان فزادت تكلفة التوسع فيها، فى الوقت الذى قصرت عن مواجهة سرعة الاحتياجات، بل إن المدن التى اتسعت بالوادى المأهول امتدت مع التنمية والتوطين المركز للمشروعات لتقترب من بعضها البعض. "شوهد هذا فى القاهرة الكبرى التى ضمت مدنا من محافظتى القليوبية والجيزة، بالإضافة إلى إنشاء ضواح جديدة زحف بعضها إلى بعض بل وامتد بعضها إلى الريف واقتص من الأراضى الزراعية وانتشرت العشوائيات داخل المدن وحولها بما شكل ظاهرة لها سلبياتها على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية. "إن فكرة الخروج من الوادى الضيق تمليها اعتبارات التكافؤ فى التنمية بين مختلف أقاليم الدولة، والقضاء على وجود مناطق طاردة للسكان، وإثبات قدرة أبناء مصر على صنع حضارة جديدة تؤكد حق الجميع فى حياة أفضل. "كما أن الابتعاد عن الشريط العمرانى حول نهر النيل، يعتبر العلاج لمواجهة مشكلة المناطق العشوائية وتزايدها يوما بعد يوم فى أنحاء المعمور المصرى، حيث أثبتت الدراسات والمسح الشامل لتلك المناطق أنه لا يمكن إصلاح ما هو قائم منها إلا فيما لا يزيد على 20% من إجمالها، بسبب خروجها عن المألوف فى كل شىء، سواء فى عدم صلاحية المبانى أو ضيق طرقها أو غياب مقومات إدخال البنية الأساسية "مياه شرب وصرف صحى .. إلخ" . مما يتطلب تغييرا شاملا فى بعضها أو هدم مبان كثيرة فى بعضها الآخر. "لذلك فإن الخروج من الوادى، لابد أن يظل، محل النظر المستمر لتمتد الرقعة الزراعية شرقا وغربا وجنوبا بالتوسع الزراعى وبإنشاء مدن تأخذ مواقعها بعيدا نسبيا عن الوادى، خاصة أن عناصر ومقومات البنية القومية والأساسية سبق أن امتدت إلى هذه المناطق الجديدة. "جرى العمل على إيصال ترعة السلام التى بدأ مسارها من نهاية سد فارسكور حتى تلتقى بقناة الويس بطول نحو 82 كيلومترا ليستصلح على ضفافها فى غرب القناة نحو 220 ألف فدان، وأنشئت سحارة تتكون من أربعة أنفاق تحت قناة السويس لتنفذ الترعة إلى داخل سيناء لاستصلاح نحو 260 ألف فدان فى سهل الطينة والقنطرة شرق ورابعة وبئر العبد. "سبق ذلك العمل وواكبه إنشاء شبكة من الطرق تغطى سيناء شمالها وجنوبها وكذلك استصلاح آلاف من الأفدنة الزراعية وأنشئت القرى والمنتجعات والفنادق اللازمة لتوفير مقومات نهضة سياحية ظهرت ثمارها فى جذب سياحى كبير يكون دخلا لمصر، ويشكل نسبة كبيرة من إيرادات السياحة، كما تم إنشاء كوبرى على قناة السويس وتم البدء فى إيصال السكة الحديد إلى العريش إلا أنه توقف بعد أن أنجز منه بضع عشرات الكيلومترات. "لم يقتصر الأمر على التوسع فى شرق مصر وداخل سيناء وهو توسع يحمل فى طياته مزايا سياسية واقتصادية واجتماعية ويعتبر مجالا خصبا لتوظيف العمالة فى القطاعات الإنتاجية والزراعية والصناعية والسياحية التى تزخر بها إمكانات سيناء وفى ضفاف قناة السويس ويخفف من التركز السكانى الذى أصاب الوادى وأفرز العشوائيات التى يتحدد علاجها الناجع وسد منابعها فى زيادة مجالات العمل والحياة بالتوسع فى الحيز السكانى المعمور، ويكفى القول، إن سيناء وحدها يمكن أن تستوعب نحو 3 ملايين نسمة بعد إتمام المشروعات المذكورة للزراعة والصناعة والسياحة قابلة للزيادة بعد ذلك. "ذات الشىء يذكر فى التوسع فى المناطق الأخرى إذ توجد ترعة الحمام فى غرب الدلتا التى لم يطلق فيها المياه وتركت لتردم أجزاء منها رغم أن استغلالها يزيد المساحة الزراعية بنحو 148 ألف فدان فى الساحل الشمالى، خاصة وأن توقف العمل بها أخل بالتوازن بين ما تم من توسعات عقارية كان يجب التخفيف منها، وما كان ينبغى أن يتم من توسع زراعى وصناعى اقتصر على إنشاء منطقة صناعية ببرج العرب فى الساحل الشمالى. "كذلك الأمر فى جنوب غرب أسوان إذ يمكن التوسع فى الصحراء لمساحة لا تبتعد إلا بضع عشرات من الكيلومترات عن أبوسمبل، تسمح بزراعة نحو 540 ألف فدان على مياه ترعة تم شقها وتبطينها وأنشئت محطة رفع تعد من أكبر المحطات عالميا، لتوفير الرى النيلى بهذه المنطقة، وتم فعلا استزراع مساحات تجريبية وأخرى إنتاجية لعدة عشرات الآلاف من الأفدنة ويمكن زيادتها سنويا بمساحات جديدة، وتسمح هذه المساحة بعد استغلالها الكامل باستيعاب نحو 3 ملايين نسمة، يكمل ما تقدم من التوسعات فى الواحات وفى شرق العوينات التى يمكن أن يتسع فيها الاستغلال الزراعى إلى مساحة 220 ألف فدان استصلح واستزرع منها ما أخذ أن يقترب من النصف. "لقد أنشئت البنية القومية لهذه المشروعات والأساسية لبعضها، ومن ثم ينبغى استعادة الخطى السريعة لاستكمالها واستغلالها والاستفادة منها، ويصح أن تتغير إليها النظرة التى روج لها من قبل بأنها من قبيل المشروعات التى لا يجنى المجتمع ثمارها إلا بعد مدى زمنى يطول، ذلك أنه بعد أن انتهت فعلا أعمال البنية القومية لأغلب المنطقة الأساسية لبعضها الآخر أصبح استغلالها حالا يضيف سنويا مساحات جديدة إلى المساحة المعمورة والمزروعة فى مصر. "ويمكن أن يبدأ الوطن بجنى الثمار من السنة القادمة مباشرة لأن أجزاء من هذه المشروعات تم استصلاح مساحات بها، وظهر إنتاجها ويتم تسويقه فى الداخل والخارج وبعضها الآخر أصبح جاهزا للاستغلال الزراعى، ولا يعنى ذلك أن كل هذه المساحات سوف يتم استغلالها بين يوم وليلة، وإنما على مدى سنوات تبدأ فورا وتستمر إن شاء الله فى السنة القادمة 2012 / 2013 وما بعدها. "من أجل ما تقدم عملت الحكومة على شحذ عملية الإنتاج بكافة الوسائل المتاحة واستغلال الطاقات الاقتصادية العاطلة والمعطلة خاصة فى المشروعات الزراعية التى استكملت بنيتها القومية والأساسية وأصبحت جاهزة فى بعض مساحاتها كما وضح من قبل للاستزراع. "أيضا يساق ذات الشىء بالنسبة للصناعات المتعطلة والعاطلة تلك المصانع التى كانت تشتغل عدة ورديات ثم انخفض إنتاجها إلى وردية واحدة أو المصانع التى أغلقت أبوابها فعلا، وقد اتخذت الإجراءات اللازمة لتشغيل هذه الطاقات المعطلة والعاطلة بأقصى سرعة وتوفير الاحتياجات من المستلزمات ومتطلبات التمويل، كذلك فإن تحقيق الأمن وهو ما نسعى له بعزم وحزم من شأنه أن يعيد النشاط إلى قطاع السياحة، هذا بالإضافة إلى العمل على تحسين سبل الأداء الحكومى وتبسيط الإجراءات للكافة". ولم تقف الحكومة عند هذا الحد بل اتخذت الأساليب اللازمة لفتح أبواب الاستثمار بالتوسع فى الطاقات القائمة فى قطاعى الإنتاج الزراعى والصناعى وعملت على تنشيط أجهزة المقاولات بتسديد جزء كبير من المتأخرات المستحقة، من أجل التغلب على كل المعوقات والظروف الأمنية التى عطلت السياحة والأمل معقود على زيادة إمكانيات السياحة وجذب السائحين من جديد بأعداد متزايدة، بحيث تصل إلى مستوياتها السابقة، ثم تتجاوزها وتزيد عليها فى السنوات القادمة بإذن الله، كذلك تم الاهتمام بالصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر وتوفير التمويل اللازم لها، وأيضا عمل التيسيرات اللازمة لها سواء من ناحية توفير المستلزمات أو فتح الأسواق أمامها ومنافذ التوزيع والعمل على ربطها باحتياجات الصناعات الأكبر. كما عملت الحكومة على ما يأتى: * تأكيد دعم الحكومة الكامل للسوق الحر وآلياته، ومساندتها للقطاع الخاص وجهوده فى مجال التنمية الاقتصادية. * حماية كافة الاستثمارات القائمة والتعاقدات التى تمت فى أوقات سابقة، طالما أنها تمت طبقا للقانون، وخالية من شبه الفساد والإضرار بالمال العام والصالح العام. * سداد كافة مستحقات المقاولين والموردين بما يوفر لهم السيولة اللازمة للتشغيل، وبما ينشط قطاع المقاولات بصفته قاطرة التنمية (تم سداد 5ر2 مليار جنيه من هذه المستحقات خلال الشهرين الماضيين). * حل مشاكل الاستثمار، وإعادة التوازن على عقود الاستثمار (تم تشكيل مجموعتين وزاريتين لهذين الغرضين). * طمأنة المستثمرين الجادين وعودة الثقة لأصحاب الأعمال والعاملين بالقطاعات الإنتاجية والاقتصادية المختلفة، بما يدفع عجلة الإنتاج والتنمية مرة أخرى. * سحب الأراضى من المستثمرين والأفراد غير الجادين الذين لم يلتزموا بتنفيذ مشروعاتهم طبقا للجدول الزمنى المتفق عليه (41 مليون متر مربع بمنطقة شمال غرب خليج السويس، و43 مليون متر مربع فى شرق بورسعيد) وإعادة طرح هذه الأراضى على المستثمرين الجادين لاستغلالها فى مشروعات توفير آلاف فرص العمل للشباب. * إعطاء دفعة لمشروعات التنمية الكبرى فى توشكى وشرق العوينات وترعة السلام (فى سيناء) والساحل الشمالى (ترعة الحمام وامتدادها) وشمال غرب خليج السويس وشرق بورسعيد، وإتاحة أراضى هذه المشروعات للمستثمرين والشباب والصناع لإحداث طفرة تنموية زراعية وصناعية وتصنيع زراعى، وإيجاد الآلاف من فرص العمل للشباب. * تنفيذ عدد من المشروعات فى مجال البنية التحتية بأسلوب المشاركة بين القطاعين العام والخاص "بى بى بي" (الطرق - الموانى - الصحة - تدوير المخلفات - مياه الشرب - الصرف الصحى .. إلخ). من واقع الأحداث القائمة إلى التمهيد للمستقبل: "لا يصح أن تترك الاهتمامات السابقة الذكر دون أن تمس حتى بداية المرحلة الجديدة، ومن ثم كان لزاما علينا اتخاذ الإجراءات للاستفادة بها طالما كان ذلك ممكنا ومتاحا، خاصة وأنه غاية فى الأهمية فى توفير فرص عمل للسحب من رصيد البطالة القائم وقوة العمل التى تدخل سوق العمل سنويا بسبب الزيادة السكانية وتؤدى إلى إنتاج جديد يفيد فى زيادة جديدة تفيد فى الموارد، كذلك فإن الخطة السنوية والموازنة العامة لسنة 12/2013 تعد خلال هذه الفترة الانتقالية، فينبغى أن تحوى جنباتها وفى طياتها وأن يرد فى صلب سياقها المقومات اللازمة لبدء الخطى نحو بلوغ الغايات، وتهيئة المناخ المناسب للانطلاقة الإنتاجية والخدمية، وما يحقق العدالة الاجتماعية، وضمان التوظيف بما يغطى السحب الجاد من رصيد البطالة القائمة وتوظيف القوى العاملة المستجدة سنويا. "كذلك لاينبغى أن يغيب عن الأذهان بل يصبح دائما فى موقع الاهتمام الدائم العمل فى إطار ما قررته ثورة يناير سنة 2011 من مبادئ أساسية وهى دفع التنمية بمعدلات فائقة تبدأ من سنة 2012 / 2013 بالقدر المستطاع، نظرا للظروف المحيطة بها، وبحيث يصبح معدل النمو معينا لبلوغ مستوى معيشى أفضل، بمعنى زيادة معدل النمو فوق معدل نمو السكان، بنسب ليست مناسبة فقط، وإنما كبيرة بما يحقق توفير الرفاهة للمجتمع، مع مراعاة تحقيق عدالة التوزيع لثمار التنمية بين فئات الشعب جميعا، وتحديد الاتجاه الصحيح نحو الارتفاع بمستوى التعليم والصحة وتحقيق كفاءة العمل والأداء وتوفير سبل التدريب، وخاصة التدريب التحويلى من أجل تحقيق التناسب بين الكفاءات المتاحة ومتطلبات التوظيف فى المجالات المختلفة. الخطوط والأسس العامة لتوجيهات الخطة لسنتى 2012/ 2013 ، 2013 / 2014: "يصح أن يبدأ بما هو عليه الأوضاع الآن اقتصاديا واجتماعيا، إذ الواقع هو مركز الانطلاق إلى المستقبل.. ومن المراد التعرف على حقيقة الأوضاع دون التركيز على السلبيات، من أجل أن يغلب التفاؤل بالمستقبل استنادا إلى اليقين بطاقة المجتمع الفائقة على العمل والإبداع، فى إطار من التفاهم العام والوحدة الوطنية، ومراعاة الصالح العام، باعتبار أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية هى الوسيلة التى تكفل دوام الارتفاع بمستوى الرفاهية، وإفساح المجال واسعا لتحقيق المطالبات المختلفة وإجراء التوزيع العادل للدخول والقضاء على السلبيات وإيجاد فرص عمل جديدة لتوظيف قوة العمل المستجدة والعاطلة. "توضح المؤشرات العامة للأوضاع الاقتصادية خلال السنة المالية 2010/2011 أن الناتج المحلى الإجمالى زاد فقط بنحو 9.1% غير أن تقرير البنك الدولى قدر هذا المعدل بنحو 3.1% بسبب الظروف السياسية التى تمر بها مصر، وكل من هذين المعدلين لا يزيد على معدل نمو السكان بما يعنى ثبات مستوى المعيشة أو انخفاضها عما كانت عليه فى السنة السابقة، هذا ولم تزد الاستثمارات المنفذة خلال تلك السنة إلا بنحو 6.5% عن السنة السابقة عليها. "وكان أهم أكثر القطاعات تراجعا هو الصناعات التحويلية والأنشطة العقارية والكهرباء والنقل والتخزين، كما بلغ معدل البطالة 8.11% وارتفع عدد المتعطلين بنحو 760 ألف متعطل وارتفع معدل التضخم مقيسا بأسعار المستهلكين إلى نحو 8.11% مقابل 1.10% فى السنة السابقة. "جدير بالذكر أن الصادرات السلعية بلغت 27 مليار جنيه أما الواردات السلعية فقد بلغت 8.50 مليار جنيه، وأفرز هذا عجزا فى الميزان التجارى بلغ نحو 8.23 مليار جنيه.. وهو عجز كبير للغاية يشير إلى أن مصر تعتمد على نسبة كبيرة من احتياجاتها السلعية على الخارج بدلا من أن تعتمد فى ذلك على إنتاجها المحلى الأمر الذى كان قائما من قبل إذ لم تزد الواردات السلعية عن نحو 17 مليون دولار سنة 1999 مقابل 8.50 مليون دولار المشار إليها سنة 2010/ 2011 - مما يعنى انخفاض إمكانات الإنتاج المتاح عن مواجهة الطلب مما دعى إلى الحاجة لزيادة الواردات. "هذا وتشير البيانات إلى أنه خلال الربع الأول من السنة المالية الحالية أى حتى سبتمبر سنة 2011 لم يزد الناتج المحلى إلا بنحو 3ر.% فقط عن الربع السابق عليه، وانخفضت الاستثمارات بنسبة 9ر22% وارتفعت الواردات بنسبة 5ر4%، فى الوقت الذى انخفضت فيه الصادرات بنسبة 9ر2% وكان هناك انخفاض فى الناتج الصناعى بلغ نحو 3ر3%، وفى السياحة 4ر10% وفى التشييد والبناء نحو 8ر2%". "هذا على أنه من الضرورى أن ترسى الخطة السنوية المقومات الأساسية للانطلاقة الإنتاجية والاجتماعية، وبحيث تكون جميع الظروف مهيأة للوضع السياسى الجديد وما يتطلبه من أن تكون عليه التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى السنوات القادمة، ومع ذلك يهم أن تتحدد أهداف السنة القادمة بشكل يحقق معدلات نمو لتستمر بعد ذلك، وصولا على معدلات فائقة، أى أن توضع الأسس التى من شأنها ضمان الارتفاع المستمر فى معدل النمو وأيضا الانخفاض المستمر فى عجز الموازنة العامة.. وتحقيق الفائض المستمر فى ميزان المدفوعات بمعنى ألا تكون أهدف السنة القادمة قاصرة عليها، وإنما لابد أن يضمن لها الاستمرار بدفعات أقوى فى السنوات التالية، "ويمكن أن يساق مثلا على أن استهداف معدل معين هذه السنة لا يعنى تحقيق إمكانية الاستمرار للتزايد، إذ أن استغلال الطاقات المعطلة يؤدى إلى زيادة فى معدل النمو، ولكن إن لم يواكب هذا الاستغلال استمرار أعمال الإحلال والتجديد واستكمال المشروعات التى تم البدء بإنشائها وأيضا التوسعات وبدء مشروعات جديدة فإن هذا المعدل من شأنه أن يقتصر على السنة الحالية فقط.. ولكن لا يستمر بعدها، من أجل ذلك كان الحرص على أن يبين فى هذا المجال ما سوف تهدف إليه خطة السنة 2012/2013، وما يمكن أن يؤدى إليه فى السنة التالية على الأقل حتى يضمن الاستمرارية لما اتخذ من إجراءات". "هذا والمأمول أن يرتفع مع تحقيق الاستقرار ـ الذى يصبو إليه المجتمع ـ معدل النمو فى السنة القادمة 2012/2013 عما قدر له سواء محليا وهو نحو ما بين 3% و 4%، أو ما قدرته بعض المنظمات الدولية بنحو 1ر3%. "غير أنه ينبغى أن تشحذ الهمم على العمل للارتفاع الفعلى عن هذا القدر، لأن التقدير إنما راعى الظروف القائمة وما نرجوه هو الخروج منها إلى عمل كثيف وجهد فائق، وتتوحد فى سبيل إنجازها كافة القوى الوطنية.. وإن ذلك يؤدى إلى استقرار الأوضاع وعدم زيادة عجز الموازنة، وكذلك قدر تحسن أوضاع ميزان المدفوعات بترشيد الواردات والبعد عن الاستيراد خاصة السلع الكمالية، وتعظيم الصادرات السلعية واسترجاع السياحة وجذب الاستثمار وكبح جماح الأسعار بتقييد التضخم واستكمال الأوضاع التنظيمية والسياسية واكتمال أجهزة الدولة الرسمية، والحث الدائم على الاستفادة بما تزخر به الدولة من شباب واع وأجيال يهمها استخدام تكنولوجيات متقدمة. "ولابد مع هذا أن يرتفع معدل النمو بدءا من 2012/2013 على ما يزيد كثيرا عن معدل نمو السكان، وبحيث لا يقل فى السنة التالية عن 6% أو 7%، ويتزايد باستمرار بعد ذلك تحقيقا للتنمية المستدامة التى تضمن مواجهة مطالب المجتمع فى ارتفاع مستوى المعيشة وعدالة توزيع الدخول وبلوغ الدولة مصاف الدول الناهضة. "وسوف يقدم بمشروع الخطة القومية لسنة 2012/2013، إن شاء الله أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية فى السنة المشار إليها، وذلك فى الميعاد المحدد قانونا. "على أنه يهم التعرض لأمرين تضعهما الحكومة فى مرتبة الأولوية الأولى مع غيرها من الأهداف والغايات الهامة، وأولهما البطالة، وثانيهما العمل على توفير السلع الضرورية الهامة، وخاصة الغذائية كالقمح والسكر والزيوت والبقول الأساسية. 1- البطالة. "البطالة مشكلة قائمة منذ عقود إلا أنها تزايدت فى العقد الماضى، وتكاد كل أسرة فى مصر تعانى فى الوقت الحالى آثار هذه المشكلة. لقد تزايدت قوة العمل خلال الفترة من 2000 /2010 فبلغ حجم القوى العاملة فى مصر حوالى 2ر26 مليون نسمة فى عام 2010، مقابل نحو 9ر18 مليون فى عام 2000 بمعدل نمو يصل إلى 6ر38%. وتظهر البيانات المتوفرة أن أعلى نسبة بطالة كانت بين حملة المؤهلات، حيث بلغت 4ر18% لحملة المؤهلات العليا و5ر15%، للمؤهل فوق المتوسط، و3ر14% للمؤهل المتوسط، فيما يشير إلى اختلال بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل. وأشارت البيانات المتوافرة حتى الربع الأول للعام المالى 2011 / 2012 (يوليو - سبتمبر 2011) إلى انخفاض مستوى التشغيل بنسبة قدرها 3ر1% مما أدى إلى زيادة أعداد المتعطلين، حيث تشير أحدث البيانات لراغبى العمل المسجلين بوزارة القوى العاملة والهجرة إلى أن عدد راغبى العمل بلغ 5ر3% مليون، ليصبح معدل البطالة 11ر13%، علما بأن هذه الأرقام لا تشمل غير المسجلين، مما يعنى أن المعدل يفوق ذلك نسبيا. "ومن أساليب معالجة الوضع السابق الاهتمام بالتدريب إذ أنه الوسيلة الأساسية للتوفيق بين مخرجات النظام التعليمى واحتياجات سوق العمل، وعلى أن يشمل التدريب التدريب التحويلى لإعداد المتدرب لحرفة جديدة أو قديمة تتطلب مهارات متطورة لممارستها، ومن ثم تم التوسع فى إنشاء وتحديث مراكز التدريب على المستوى القومى حتى بلغت 1000 مركز. "ويرد من أسباب البطالة الموروث الاجتماعى إذ لوحظ عزوف الشباب عن العمل فى القطاع الخاص، رغم أن هناك بعض القطاعات والأنشطة تشكو من قلة العمالة بها، ولابد من تكاتف الجهود لتغيير هذا المفهوم، فالجهاز الإدارى متخم بالموظفين، والعمل به، يعنى المزيد من البطالة المقنعة، وهو ما ينعكس سلبا على جهود التنمية الاقتصادية". "هذا وتعمل الحكومة بغاية الاهتمام خلال الشهور الماضية مركزة جهودها لفتح أكبر قدر من فرص العمل أمام الشباب ومازالت تقوم بالاتصالات اللازمة برجال الأعمال للسحب من رصيد البطالة، مبدية استعدادها لتسهيل التمويل اللازم بغرض إجراء التوسعات وما يلزم لإيجاد فرص عمل جديدة. "وكذلك فقد عملت على تشجيع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وهى كما ورد بمواضع أخرى من هذا البيان من أكثر المشروعات توظيفا للعمالة الجديدة ويسرت التمويل واتصلت بالجهات والصناديق التمويلية التى يمكن أن تتيح التمويل اللازم لهذه المشروعات. "كما عملت على تشغيل المشروعات والمصانع التى توقفت جزئيا لأسباب فنية أو تمويلية أو تسويقية، كذلك أولت اهتمامها للمشروعات فى سيناء وجنوب مصر والتى يؤدى استكمالها إلى فتح مجالات واسعة لتوظيفات جديدة مكثفة على مدى سنوات تبدأ من السنة القادمة إن شاء الله. " يضاف إلى ما تقدم مراعاة أن يتوافر فى خطة السنة القادمة 2012/2013 الاعتمادات اللازمة للإحلال والتجديد والاستكمال والتوسعات اللازمة والمشروعات الجديدة وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار وجذب الاستثمارات الخارجية لزيادة فرص العمل بما يستوعب القوى العاملة المستجدة وأيضا يسحب من رصيد البطالة القائمة، كل ذلك يسهم فى إيجاد حلول للبطالة القائمة التى نرجو أن تنخفض معدلاتها فى المستقبل إن شاء الله. "ليس المراد من ذلك التهوين من مشكلة البطالة أو القول بإمكان القضاء عليها فى مدة وجيزة ولكنها تحتاج إلى سنوات بعد أن زاد معدلها إلى الوضع المشار إليه وهو عدم الاهتمام بالسحب من رصيد البطالة وإيجاد وظائف للقوى العاملة المستجدة، كما كان يجرى عليه الحال قبل انتهاء القرن الماضى، حيث كان المعدل يقل كثيرا عن المعدل السائد الآن ويميل سنويا إلى الانخفاض وليس الزيادة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق