الجمعة، 27 مايو 2011

رحلة الي رغيف العيش .....احمد ياسر

الآن أطفأت الأنوار ، والسرير أصبح مهيأ ، والبطارية مشحونة ( الهاتف واللاب ) والمياه بجانبى والنسكافيه أهو ، اغلقت باب الغرفة وجلست على السرير لابدأ رحلتى مع القراءة ، وتنقلت بين كل أنواع الكتب ها هى كتب نجيب محفوظ وهذا كتاب الحب والحياة للدكتور مصطفى محمود و 55 مشكلة حب والآن كتاب أعجب رحلات التاريخ لانيس منصور ، تركت هذا الجيل ( عشان ينام لانه مش متعود على السهر ) واتجهت إلى الكتابات الساخرة التى أعشقها هذى رواية لمحمود السعدنى رحمه الله ، وهذا كتاب لاسامة غريب والآن مع بلال فضل وبنى بجم .
وظللت هكذا حتى بدأت أشعر بالنعاس وهذا يعنى بالنسبة إلى ميعاد قراءة كتاب أرواح وأشباح لانيس منصور والآن أنا أقرأ والجو مرعب ومثير ، أنها قصة تتحدث عن شبح يظهر للبطل وعندما يقترب البطل منه يختفى ، ولكن ماهذا الشبح ولما يظهر له فقط ؟؟ وهل هذا من الممكن أن يحدث فى عالمنا الآن ؟؟
وأثناء اندماجى فى القراءة وجدت أمى تدخل الغرفة وتقول " قوم انزل هات العيش " ، فى البداية ظننتها شبح فلم أرد ، حيث شعرت أنها مجرد تهيؤات نتيجة لقراءة هذا الكتاب ، كما أن الوقت كان متأخرا فقد كانت الساعة الرابعة فجرا ولكنها عاودتنى بالصراخ " يللا بسرعة قوم انزل هات العيش " فأعلمتها ان الوقت متأخرا ، ولكنها أخبرتنى أن هذا هو الميعاد الجديد ، فأخبرتها انى أعانى من فقدان توازن وعدم قدرة على الحركة وتنميل فى رجلى اليمنى وضيق تنفس وهنا تأكدت أنها أمى وليس الشبح حيث انهالت عليا بالتوبيخ المعتاد الذى لا يجرؤ أى شبح أن يقوله بنفس هذا الترتيب ، حاولت أن أقنعها أن الاشتراك فى الخبز يعنى إحضاره إلى المنزل وإذا لم أذهب إلى الفرن هما هيجيبوه لحد عندنا ، ولكنها قالت ان هذا لن يحدث ، فحاولت ان اقنعها أن هذا حقنا وإن لم يحضروا العيش فلابد من الإضراب عن الطعام حتى يحضروا لنا الخبز .
لكن أمى اتخنقت وبدأت تقنعنى بطريقتها المعتاده وهى تكرار الكلام ذاته 70 مرة فى الدقيقة مع إلحاقه ببعض الشتائم ، وبعد وصلة حديث أمى التى انتهت بنجاحها فى إقناعى بالإشاعة القائلة إن أنا " ابن جزمة " ( ومش عارف ليه الاشاعة دى طالعة عليا انا بس دونا عن اخواتى )
فتخليت عن فكرة الاستهبال فى الطلبات التى أزعم إن أنا مخترعها ، وخرجت من الباب ومعى قفص العيش واثناء السير وجدت رجلا معه قفص العيش ويمشى بملابسه الداخلية ، هل هذا حقيقى أم شبح ؟؟ وسألت نفسى ولكننى كابن من أبناء بنى سويف أعلم أن تقاليدنا تقر بحق الرجل فى الخروج بملابسه الداخلية مسافة 100 متر بعيدا عن منزله ( وزيادة عن كده يبقى عيب ) ياترى من حدد هذه المسافة بالتحديد ؟ ولكن هذا ليس موضوعنا ، أكملت السير وسلمت شحاته القفص بعد أن علّمته( عملت عليه علامة غالباً بتبقى شتيمة لشحاته عشان ينجز ويجيب العيش بسرعة ) ، وانتظرت خروج القفص ، وأثناء ذلك رأيت كلبا يجلس قريبا من الواقفين ولا يخاف ضربة طوبة من خائن مثلى أو من شتيمة رجل كبير ، ولم أعتد وجود هذا النوع من الكلاب التى لا تخاف فظننت أن هذا هو الشبح ، وصرفت نظرى عنه ، وبعد دقائق وجدته يقوم ليمشى تجاه أحد الواقفين ويمسح لسانه فى ثيابه ( تقريبا كان بيمضيله على الجلابية يعنى هو احسن من النجوم فى ايه ده حتى كلب مابيخافش ) ، لكن الغريب ان الرجل لم يعبأ به ولا كأنه شايفه !!!
وظل هكذا الكلب يتحرك ولا أحد يراه غيرى ، وظل هكذا ( مزاولنى ) إلى أن رأيت إنسانا يشير إليه بالابتعاد وهنا اختفى إحساسى بأنه الشبح ولكن ظل خوفى منه ككلب موجود فى الحفظ والصون ، وفكرت فى سبب اختيار هذا التوقيت من اليوم لشراء العيش ؟ هل هذا الاختيار له أسباب أم أنه رخامة ليس إلا ؟؟ أم أنها طريقة للنصب ؟ حيث أنه من المستحيل انتهاء الدقيق المدعم كله فى 3 ساعات فقط من الرابعة صباحا إلى السابعة
لفت انتباهى هذا الكم الهائل من الأشخاص مع انها لازالت الرابعة فجرا أى باقى على صلاة الفجر ساعة ، هل كلهم لم يناموا مثلى حتى الآن ؟ تبقى كارثة لانه مين هيشتغل الصبح بقا ؟ أم أنهم ناموا من التاسعة مساءا حتى يتمكنوا من الاستيقاظ فى هذا الوقت ؟ إذن لقد فاتهم بالتأكيد برنامج آخر كلام ليسرى فودة وهذه أيضا مشكلة .
أخيرا جاء القفص بعد طول انتظار ، وأخذته لاعود به لأمى كى أؤكد لها أن موضوع ابن جزمة ده إشاعة مغرضة لا أكثر والدليل أننى أحضرت العيش ولم أخدعها وأخبرها إن شحاته بيموت ونقلوه للمستشفى وتم إغلاق الفرن حتى شفاء شحاته ، وأثناء السير كانت أعمدة الإنارة مغلقة أو تضئ إضاءة خافتة ونتيجة لذلك كادت سيارة أن تصدمنى ولكن ربنا ستر والحمد لله .
ولكنى أكملت الطريق إلى المنزل تفكيرا هل لو توفيت كنت سأموت شهيد وسيعتبروننى من شهداء الثورة ؟ ومضيت أجيبها شمال وكذلك يمين إلى أن اهتديت إلى أنه من الممكن وليس مستحيلا حيث أن العيش هو أول مطالب الثورة وأنا كنت ذاهباً لاحضار العيش من الفرن ، إذن كنت سأموت شهيداً إنما قبل الثورة كان ممكناً أن أموت ويذهب حقى فى الأغانى الوطنية وكانوا سيعتبروننى ابلها لاننى عادة أنظر إلى الأرض عندما أذهب لاحضار العيش ( مش عارف ليه والله ؟ ) ، إذن لا يوجد فرق بين مشوار العيش قبل الثورة والمشوار ذاته بعدها سوى أغانى الثورة !!
أنا لا اطلب مطلبا صعبا أنا أطلب حقى فى العيش ألم يكن هذا من مطالب الثورة ؟ فلم ظل الوضع كما هو ؟؟ ولكنى سأساعد المجلس العسكرى بتقديم الحلول وهى كثيرة : تتفقوا مع شحاته يطلعلنا العيش ، أو تتفقوا مع اصحاب الفرن يفتحوه فى وقت غير ده ، أو تفتحوا النور الساعة 4 الفجر ، او تطلعوا بيان يمنع امى من طلب أحضار العيش منى ، أو تمشوا الكلب اللى واقف ده عشان أطلع بقا واروح بيتنا عشان العيش خلاص برد ............








ا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق