الجمعة، 27 مايو 2011

قصة ................كتبها احمد ياسر

مايو، الساعة 09:16 مساءً‏ إبلاغ
... منذ أيام توفى أحد أقاربى ، كان شاباً قد جاوز الثلاثين من عمره مستقر مادياً متزوج ، وأخ أكبر لأخوين ذكور والباقى إناث . كان قوي البنيان من أثر عمله فيما يملك من أفدنة زراعية ، وكان ضخماً ويمتلك من الشهامة رصيداً قد نفذ من عند كثير من رجال هذا الزمن ، كان رجلاً ريفياً مهتم بعمله وصلة الرحم إذ كان ينتهى من عمله ليبدأ رحلته فى صلة الأقارب وكل من يحتاج إليه .
فى هذا اليوم ... كان جالساً أمام بيته كعادته التى دأب عليها بعد إنهائه أعماله اليومية ، وطلب من زوجته _ كالعادة _ أن تعد لهم أكواب الشاى الريفي الجميل كى يشربوا سوياً ويتسامروا كعادتهم بعد العشاء ، ودخلت زوجته لتفعل ما أراد ووقتها خرجت إليه ابنة أخيه لتتحدث إليه .
وفجأة ..... حدث أن سقط حجراً _ ليس قالباً من الطوب الأحمر _ من فوق الدور الثالث لبيته لينزل على أم رأسه !!!!!! ومن رأسه إلى قدم ابنة أخيه ليسيل دمه على الأرض ويغرق ملابس ابنة أخيه التى صرخت صرخةٍ أتت بكل أهل البلدة لتخرج زوجته وفى يدها الشاى لتجد زوجها على الأرض ينزف الدماء ولا ينطق ، وترى الدم الذى تبرع لها منه عندما احتاجته أثناء مرضها وأخبرها _ حين مرضها _ أنه على استعداد بأن يهبه لها كاملاً نقطة نقطة إلى آخره ، فتسقط أكواب الشاى من يدها وتسقط هى الأخرى على الأرض فى إغمائةٍ صعبة بينما تسقط ابنة أخيه ولا تتوقف كمن أصابها مس من الجنون لهول ما رأت عيناها الدامعتين ؛ فيتم نقله إلى المستشفى ليدخل فى غيبوبة مصاباً بكسر فى الجمجمة ونزيف حاد وتستمر الغيبوبة إلى ست ساعات بعدها ينفذ أمر الرحمن ...
وهنا أقف وقفة مع نفسى لأسأل سؤالاً من أسقط الحجر ؟؟ ولما لم ينتظر الحجر قليلاً حتى يدخل بيته أو ينتظر بضع ثوان كى يتحرك من تحته ؟؟؟ إنه قضاء الله وقدره إنه الموت الذى لا يفرق بين كبير وصغير حين يأتى ليأخذ الحياة من الأشخاص ..
وذهبت فى صباح اليوم الأول للعزاء لأرى الرجال _ منتظرين جثمان الفقيد _ جالسين فى صمت وعيونهم تنزف دمعاً ، جلست تحت بيته لأجد نفسى فى بركان من الأحزان يعبر عنه النساء فى صراخٍ يزيد الجرح التهاباً ، وسمعت صوت أمه تنادى عليه أن يا علي أين أنت ؟ وعيونها دامعة وصوتها الباكى يكوي جميع الموجودين ، واستمرت هكذا طوال اليوم ما بين البكاء والنداء والإغماء ، أما زوجته فجلست على الأرض صامته وعيونها تبكى بكاءاً مريراً لا ينقطع ، وها هى ابنة أخيه لازالت تصرخ من وقت جلوسها مع عمها .
ورأيت الطفلة الجميلة التى تبكى بشدة غير مقتنعة بأن أباها قد رحل ولن تراه ، وتدرك بطفولتها البريئة أنهم يضحكون عليها ورأيت كل هذا بعينى ، وتصارع الدمع مع عينى كى يخرج ، وعينى تأبى الخروج إلى أن توصلا معاً إلى حل وسط وهو أن تخرج الدموع من داخلى ولا تخرج من عينى لتظل حبيسة لعيناى .
ورأيت نفسى متسائلاً هل هناك أحد سيذكرنا حين نرحل من هذه الدنيا ؟؟؟ وهل سيذكرنا بخير أم بشر ؟؟ ومن سيذكرنا بخير هل سيظل يذكرنا ؟؟ وماذا قد تركنا فى الناس من جراح ؟؟ وماذا قد تركنا من أعمال جميلة ؟؟ وما علامتنا التى تركناها فى الدنيا ؟؟ وانتهيت بالدعاء أن يارب وفقنا فى هذه الحياة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق