السبت، 7 مايو 2011

لتقرير الأخير فى حياة (الأسطى) السباعى

 مع اقتراب يوم الجمعة من كل أسبوع يصدر قرار بإقالة فاسد أو إحالة آخر للمحاكمة أو التحفظ على أموال مسئول. بطل هذه الجمعة كان الدكتور السباعى أحمد السباعى كبير الأطباء الشرعيين ورئيس مصلحة الطب الشرعى، لتضيف تلك الجمعة كلمة السابق بعد الوصف الوظيفى له، ويصدر قرار المستشار عبدالعزيز الجندى وزير العدل أمس الأول بإقالته من منصبه وتعيين الدكتور إحسان كميل جورجى كبيرا بدلا منه، بعد جدل ومطالبات استمرت أكثر من أسبوع.

السباعى لم يكن بطل الجمعة فقط ولكن بطل الأسبوع الماضى كله، خصوصا بعد حواره مع يسرى فودة فى برنامج آخر كلام، الحوار فجَّر تساؤلات عديدة حول نزاهة التقارير التى أشرف عليها السباعى أو كتبها بنفسه، خصوصا بعد أن وضعت الظروف تحت تصرفه عددا من القضايا المصيرية مثل تقارير شهداء ثورة 25 يناير وتقرير صحة الرئيس السابق مبارك، ومن قبلها تقرير أسباب وفاة الشاب خالد سعيد.

من داخل مكاتبهم الضيقة وببعض التحفظ والحذر وربما الخوف أكد عدد من موظفى المصلحة أنهم لم يسمعوا عن تجاوزات الأطباء الشرعيين مرددين مقولة السباعى إنهم «يتعاملون مع الدم، ولا أحد يمكن أن يفرط فى دم بنى آدم».

الموظفون أكدوا أنهم لا يرددون ما يسمعونه عن الضغوط التى يتعرض لها الخبراء بالمصلحة، وشددوا على أن كل ما يتردد مجرد كلام لا دليل عليه لأن تقرير الطبيب الشرعى ــ من وجهة نظرهم ــ يمكن أن «يودى الخبير فى داهية اذا ثبت أنه ارتشى أو خالف ضميره».

عبارات تشبه تصريحات وزير العدل السابق والسباعى، التى تقول إن مصلحة الطب الشرعى فى مصر تحظى بسمعة عالمية ولها الصدارة وتستقطب أطباء من الدول المختلفة لتدريبهم والحديث عن أحدث الأجهزة. لكن الدكتور أيمن فودة كبير الأطباء الشرعيين الأسبق يصف كل هذه التصريحات بأنها «نصب» ولا أساس لها من الصحة.

مشكلة المصلحة ليست الاستقلالية فقط ولكنها فنية أيضا ممثلة فى نقص بعض التخصصات وقلة عدد الأطباء الشرعيين مقارنة بعدد القضايا التى تُحوّل إليهم، فوفقا لما قاله فودة والذى يتعارض مع تصريحات وزير العدل السابق حول التدريب والكفاءة، هناك حالة من عدم الاهتمام بتبادل الخبرات مع الدول المتقدمة فى مجال الطب الشرعى وتدريب الأطباء، مما يؤثر على دقة التقارير الفنية.

«معمل DNA اللى عمّال يتكلم عنه عبارة عن غرفة تجلس بها الموظفة المسئولة عن المعمل، وبجوارها موظف يدخن. والمعمل غير مطابق للمواصفات لأنه يخالف شروط التعقيم، المفاجأة أن رئيس المعامل لم يحصل على دراسات عليا فى مجال التحاليل، كما أن الطبيبة المسئولة تخصصها جلدية».


ماجستير السباعى

«كان فى المصلحة من هم أكفأ منه، لكنه تخلص من جميع الكفاءات الموجودة سواء برفتهم أو بتطفيشهم إلى الخارج، ودائما يتباهى بأنه معاه ماجستير وخلف البحار وأعالى البحار وكلام فاضى».

هكذا أرجع فودة أسباب تردى الأحوال بالمصلحة، كما حل المجلس الاستشارى، التى يضيف إليها أنه «جاء بصغار الأطباء المعاونين أو النواب لكتابة التقارير التى يريدها، وفقدت اللجنة الثلاثية قيمتها وتحولت تقارير الطب الشرعى على يديه إلى تقارير ركيكة وضعيفة، لأنه لا يستعين بالمناهج العلمية فى كتابة التقارير، وهذا وراء عدم رضا الناس عن أداء المصلحة».


مساعد الوزير

علاقة السباعى بالمستشار حسن عبدالرازق مساعد وزير العدل لشئون الطب الشرعى هى التهمة التى تلاحقه كما أكد فودة، مشيرا إلى أنه لم تكن هناك استقلالية فى اختياره كما أن تعيينه كبيرا للأطباء الشرعيين تم بطريقة غير قانونية حيث إنه كان على درجة مساعد وتخطى الدرجة التى تليها ليصبح كبيرا.

«مساعد وزير العدل للطب الشرعى هو المهيمن الفعلى على المصلحة، وأصبح فوق كبير الأطباء الشرعيين، لدرجة أن الأخير لا يتخذ قرارا إلا بعد الرجوع إليه»، هكذا أكد فودة الاتهامات الموجهة للوزارة ولكبير الأطباء الشرعيين السابق، نافيا ما قاله السباعى بأن التبعية لوزارة العدل إدارية فقط.


استقلال المصلحة

«هناك تدخلات كثيرة ربما تكون غير مباشرة كما كانت فى الماضى لكن أغلبها يتم بتوجيه قضية معينة لشخص بعينه».

تكرر ذلك الاتهام الذى يوجه لأغلب المصالح التابعة لوزارة العدل خصوصا فى عهد وزيرها السابق المستشار ممدوح مرعى، كما يؤكد الدكتور وحيد شبل، خبير بإدارة التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى الذى يرى أن استقلال المصلحة عن وزارة العدل أصبح ضرورة.

بنبرة أسى يضيف شبل «فقدنا مصداقيتنا ونزاهتنا بسبب ذلك الرجل، وتصريحات السباعى أسقطت هيبة ونزاهة الطب الشرعى فى مصر وأساءت لكل العاملين بالمصلحة التى يجب ان تظل نزيهة ومحايدة لأنها تفصل فى قضايا الرأى العام».


أمن الدولة

«الطب الشرعى تخصص مميز وممتع سواء فى دراسته أو عمله، لكن مشاكله كثيرة» بكلمات طبيب عشق المهنة وذاق حلوها ومرها من داخل المصلحة، طلب عدم ذكر اسمه، «كان أمن الدولة يتدخل فى القضايا ذات الطبيعة الخاصة، وهذا يعلمه كل الناس ولا يمكن إخفاؤه، والدليل على ذلك تقارير الطب الشرعى عن التعذيب فى السجون التى لا يخفى على أحد ما كان يتم بداخلها».

ولأن تقارير الطبيب الشرعى فنية يصعب على الشخص العادى فهم أغلبها، فإن «ما يتحكم فيها هو ضمير الطبيب وحده، وسواء تعرض لضغوط أو خالف ضميره بسبب إغراء ما فالحقيقة لن يعلمها إلا هو».


بعد الإقالة

تبعية بعض الهيئات القضائية للسلطة التنفيذية هى المشكلة الأولى والأساسية التى كان ينادى بها أعضاء تلك الهيئات قبل الثورة ولم يستجب لهم أحد، الدكتور شبل أكد أن إقالة السباعى خطوة مهمة لكن الأهم منها أن المستشار حسن عبدالرازق مساعد وزير العدل للطب الشرعى باق، وشدد على ضرورة التحقيق مع السباعى فى كل المخالفات والأسرار التى يعرفها أطباء وخبراء المصلحة».

أضاف شبل «شهادة الطبيب الشرعى فنية لا يفهمها إلا متخصص وبالتالى فإن أى طبيب تعرض لضغوط أو خالف ضميره فهو متورط مع السباعى وهذا ما كان يعمل عليه رئيس المصلحة السابق».

فى نهاية المشهد تظهر لوحة شكر وتقدير للرئيس السابق محمد حسنى مبارك ووزير العدل الأسبق فاروق سيف النصر تتصدر مدخل مصلحة الطب الشرعى لأنه فى عهدهما تم إنشاء المبنى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق