الأحد، 1 مايو 2011

خطاب الرئيس السادات فى الكنيست الإسرائيلى 20 نوفمبر977 1

إن الأطفال الأبرياء الذين يفقدون رعاية الأباء وعطفهم هم أطفالنا جميعا . على أرض العرب , أو فى إسرائيل لهم علينا المسئولية الكبرى فى أن نوفر لهم الحاضر الهانىء والغد الجميل ..
من أجل كل هذا , ومن أجل أن نحمى حياة أبنائنا وأخواننا جميعا .
من أجل أن ننتج مجتمعاتنا , وهى آمنه مطمئنة .. من أجل تطور الإنسان وإسعاده وإعطائه حقه فى الحياة الكريمة , من أجل مسئوليتنا أمام الأجيال المقبلة من أجل بسمه كل طفل يولد على أرضنا .
من أجل كل هذا اتخذت قرارى ان أحضر اليكم – رغم كل المحاذير – لكى أقول كلمتى ..
ولقد تحملت و اتحمل متطلبات المسئولية التاريخية , من أجل ذلك أعلنت من قبل ومنذ أعوام وبالتحديد فى 4 فبراير 1971 , اننى مستعد لتوقيع إتفاق سلام مع إسرائيل , وكان هذا هو أول إعلان يصدر من مسئول عربى منذ ان بداء الصراع العربى الاسرائيلى وبكل هذه الدوافع التى تفرضها مسئولية القيادة أعلنت فى السادس عشر من اكتوبر 1973 وامام مجلس الشعب المصرى , الدعوه الى مؤتمر دولى يتقرر فيه السلام الدائم العادل .
ولم أكن فى ذ لك الوقت فى وضع من يستجدى السلام , أو يطلب وقف اطلاق النار . وبهذه الدوافع كلها , التى يلزم بها الواجب التاريخى والقيادى , وقعتا اتفاق فك الاشتباك الاول , ثم اتفاق وقف الاشتباك الثانى فى سيناء . ثم سعينا نطرق الأبواب المفتوحة والمغلقة لإيجاد طريق معين نحو سلام دائم عادل وفتحنا قلوبنا لشعوب العالم كله لكى تتفهم دوافعنا , واهدافنا , ولكى تقتنع فعلا أننا دعاة عدل , وصناع سلام .
وبهذه الدوافع كلها قررت أن أحضر إليكم , بعقل مفتوح وقلب مفتوح وإرادة واعيه , لكى تقيم السلام الدائم القائم على العدل .
وشاءت المقادير ان تجىء رحلتى اليكم , رحله السلام , فى يوم العيد الإسلامى الكبير عيد الإضحى المبارك عيد التضحية والفداء , حين أسلم إبراهيم عليه السلام , جد العرب و اليهود . أفول  حين أمره الله , وتوجه اليه بكل جوارحه لا عن ضعف بل عن قوة روحيه هائلة وعن إختيار حر عن التضحيه بفلذة كبده .. بدافع من إيمانه الراسخ الذى لا يتزعزع بمثل عليا تعطى الحياة مغزى عميقا . ولعل هذه المصادفه تحمل معنا جديدا , فى نفوسنا جميعا لعله يصبح أملا حقيقيا فى تباشير الأمن والأمان والسلام .
 
ايها السيدات والساده :
دعونا نتصارح ,  بالكلمه المستقيمة , والفكرة الواضحة التى لا تحمل أى التواء . دعونا نتصارح اليوم والعالم كله بغربه وشرقه يتابع هذه اللحظات الفريدة . التى يمكن أن تكون نقطه تحول جذرى فى مسار التاريخ فى هذه المنطقة من العالم , إن لم يكن فى العالم كله .
دعونا نتصارح ونحن نجيب عن السؤال الكبير : كيف يمكن أن نحقق السلام الدائم العادل .
لقد جئت اليكم لكى احمل جوابى الواضح الصريح على هذا السؤال الكبير , لكى يسمعه الشعب فى اسرئيل , ولكى يسمعه العالم اجمع , ولكى يسمعه ايضا كل اولئك الذين تصل اصوات دعوات اصواتهم المخلصة إلى أذنى , أملا فى أن تتحقق فى النهاية النتائج التى يرجوها الملايين من هذا الاجتماع التاريخى .
وقبل أن أعلن لكم جوابى , أرجو أن أؤكد لكم , أننى أعتمد فى هذا الجواب الواضح الصريح , على عده حقائق لا مهرب لأحد من الاعتراف بها :
-                    الحقيقه الأولى : انه لاسعاده لأحد على حساب شقاء الأخرين .
-                    الحقيقه الثانيه : إننى لم أتحدث , ولن أتحدث بلغتين ولم أتعامل ولن أتعامل بسياستين ولست أتعامل مع أحد , إلا بلغة واحدة , وسياسه واحدة , ووجه واحد .
-                    الحقيقه الثالثه : إن المواجهة المباشرة وأن الخط المستقيم هما أقرب الطرق وانجحها للوصول إلى الهدف الواضح .
-                    الحقيقه الرابعه : إن دعوة السلام الدائم العادل , المبنى على احترام قرارت الأمم المتحدة , و أصبحت اليوم دعوة للعالم كله , وأصبحت تعبيرا واضحا عن إرادة المجتمع الدولى , سواء فى العواصم الرسمية التى تصنع السياسة وتتخذ القرار ,  أو على مستوى الرأى
 العام العالمى الشعبى , ذلك الرائى العام الذى يؤثر فى صنع السياسه واتخاذ القرار .
-                    الحقيقه الخامسه : ولعلها أبرز الحقائق وأوضحها أن الأمة العربية لا تتحرك فى سعيها من أجل السلام الدائم العادل , من موقف  ضعف او إهتزاز , بل إنها على العكس تماما تملك من مقومات القوة والاستقرار ما يجعل كلمتها نابعة من ارادة صادقه نحو السلام , صادرة عن إدراك حضارى بأنه لكى نتجنب كارثه محققة , علينا وعليكم وعلى العالم كله , فإنه لابديل عن إقرار سلام عادل , لاتزعزعه الانواء ولاتعبث به الشكوك , ولايهزه سوء المقاصد أو التواء النوايا .
من واقع هذه الحقائق , التى أردت أن أضعكم فى صورتها , كما اراها , أرجو أيضا ان أحذركم بكل الصدق , أحذركم من بعض الخواطر التى يمكن أن تطرأ على أذهانكم .
إن واجب المصارحة يقتضى أن أقول لكم ما يلى :
اولا : إننى لم اجىء إليكم لكى أعقد اتفاقا منفردا بين مصر وإسرئيل , ليس هذا واردا فى سياسة مصر  , فليست المشكله هى مصر و إسرائيل  ,  وأى سلام منفرد بين مصر وإسرائيل أو بين أيه دولة من دول المواجهة وإسرائيل فإنه لن يقيم السلام الدائم العادل فى المنطقه كلها , بل أكثر من ذلك , فإنه حتى لو تحقق السلام بين دول المواجهة كلها وإسرائيل , بغير حل عادل للمشكلة الفلسطينيه فإن ذلك لن يحقق أبدا السلام الدائم العادل الذى يلح العالم كله اليوم عليه .
ثانيا : إننى لم اجىء إليكم لكى أسعى إلى سلام جزئى , بمعنى أن ننهى حالة الحرب فى هذه المرحلة . ثم نرجى المشكلة برمتها الى مرحلة تالية .
فليس هذا هو الحل الجذرى الذى يصل بنا الى السلام الدائم .
ويرتبط بهذا اننى لم اجىء اليكم , لكى نتفق على فض إشتباك ثالث فى سيناء . أو فى سيناء والجولان والضفة الغربية , فإن هذا يعنى إننا نؤجل فقط إشتعال الفتيل إلى أى وقت مقبل .
بل هو يعنى , إننا نفتقد شجاعة مواجهة السلام , وإننا أضعف من أن نتحمل أعباء و مسؤليات السلام الدائم العادل .
لقد جئت اليكم , لكى نبنى معا , السلام الدائم العادل حتى لا تراق نقطة دم واحدة من جسد عربى او إسرائيلى .
ومن أجل هذا أعلنت إننى مستعد أن أذهب إلى آخر العالم .
وهنا أعود إلى الأجابة على السؤال الكبير : كيف نحقق السلام الدائم العادل ؟
فى رأيى .. وأعلنها من هذا المنبر للعالم كله . إن الإجابه ليست مستحيلة ولا هى بالعسيرة على الرغم من مرور أعوام طويلة .. من ثأر الدم . والأحقاد و الكراهية . وتنشئة أجيال على القطيعة الكاملة والعداء المستحكم .
الأجابه ليست عسيرة ولاهى مستحيلة , إذا طرقنا سبيل الخط المستقيم بكل الصدق و الأيمان .
أنتم تريدون العيش معنا فى هذه المنطقة من العالم .
وأنا أقول لكم بكل الإخلاص : إننا نرحب بكم بيننا .. بكل الأمن والأمان . إن هذا فى حد ذاته يشكل نقطه تحول هائلة .. من علامات تحول تاريخى حاسم ..
                   
                       لقد كنا نرفضكم , وكانت لنا اسبابنا ودعوانا .. نعم
                       لقد كنا نرفض الاجتماع بكم .. فى اى مكان .. نعم ..
                       لقد كنا نصفكم بإ سرائيل المزعومه .. نعم
لقد كانت تجمعنا المؤتمرات أو المنظمات الدولية , وكان ممثلونا ولايزالون لايتبادلون التحية والسلام . نعم ..
نعم حدث هذا ولايزال يحدث
لقد كنا نشترط لأى مباحثات وسيط يلتقى بكل طرف على إنفراد . نعم ..
هكذا تمت مباحثات فض الأشتباك الاول .. وهكذا ايضا تمت مباحثات فض الاشتباك الثانى .
كما أن ممثلينا ألتقوا فى مؤتمر جنيف الأول , دون تبادل كلمه مباشرة . نعم ..
هذا حدث ..
ولكنى أقول لكم اليوم .. أعلن للعالم كله .. إننا نقبل بالعيش معكم فى سلام دائم وعادل .. ولانريد أن نحيطكم أو تحيطونا بالصواريخ المستعدة للتدمير أو بقذائف الاحقاد والكراهية .
ولقد أعلنت أكثر من مرة . أن إسرائيل أصبحت حقيقة واقعة أعترف بها العالم , وحملت القوتان العظيمان مسئولية أمنها وحماية وجودها .
ولما كنا نريد السلام فعلا وحقا فإننا نرحب بأن تعيشوا بيننا فى أمن وسلام فعلا وحقا ..
لقد كان بيننا وبينكم جدار ضخم مرتفع حاولتم أن تبنوه على مدى ربع قرن من الزمان , لكنه تحطم فى عام 1973 , كان جدارا من الحرب النفسية المستمرة فى التهابها وتصاعدها .
كان جدارا من التخويف بالقوة القادرة على إكتساح الأمه العربية من أقصاها الى أقصاها .
كان جدارا من الترويج بأننا أمه تحولت إلى جثه بلا حراك .. بل أن  منكم من قال إنه حتى بعد مضى خمسين عاما مقبل . فلن تقوم للعرب قائمة من جديد كان جدار يهدد دائما بالذراع الطويلة القادرة على الوصول إلى أى موقع وإلى أى بعد .
كان جدارا يحذرنا من الإبادة والفناء إذا نحن حاولنا أن نستخدم حقنا المشروع فى تحرير ارضنا المحتله .
وعلينا أن نعترف معا . بأن هذا الجدار قد وقع وتحطم فى عام 1973 ولكن بقى جدار أخر .
هذا الجدار الاخر يشكل حاجزا نفسيا بيننا وبينكم . 
حاجزا من الشكوك حاجزا من النفور , حاجزا من خشيه الخداع حاجزا من الأوهام حول أى تصرف أو فعل أو قرار , حاجزا من التفسير الحذر الخاطىء لك حدث او حديث .
وهذا الحاجز النفسى هو الذى عبرت عنه , فى تصريحات رسمية , بأنه يشكل سبعين فى المائه من المشكله .
واننى اسألكم اليوم – بزيارتى لكم – لماذا لانمد ايدينا بصدق و إيمان وإخلاص , لكى نحطم هذا الحاجز معا ؟
لماذا لاتتفق إرادتنا , بصدق و إيمان وإخلاص , لكى نزيل معا كل شكوك الخوف والغدر والتواء المقاصد وإخفاء حقائق النوايا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق